البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٨٥
محصل ذلك المقصود، فتحصل به الطهارة وما عن أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع به؟
قال: تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه. متفق عليه. فلا يدل على خلافه لأنه مفهوم لقب وهو ليس بحجة كما عرف في الأصول. وألحت القشر بالعود والظفر ونحوه، والقرص بأطراف الأصابع. وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد قياسا على النجاسة الحكمية. وقيد بكونه مزيلا ليخرج الدهن والسمن واللبن وما أشبه ذلك لأن الإزالة إنما تكون بأن يخرج أجزاء النجاسة مع المزيل شيئا فشيئا وذلك إنما يتحقق فيما ينعصر بالعصر بخلاف الخل وماء الباقلا الذي لم يثخن فإنه مزيل، وكذا الريق. وعلى هذا فرعوا طهارة الثدي إذا قاء عليه الولد ثم رضعه حتى أزال أثر القئ، وكذا إذا لحس أصبعه من نجاسة بها حتى ذهب الأثر أو شرب خمرا ثم تردد ريقه في فيه مرارا طهر حتى لو صلى صحت صلاته.
وعلى قول محمد لا تصح ولا يحكم بالطهارة بذلك لأنه لا يجيز إزالتها إلا بالماء المطلق. ولم يقيده بالطاهر كما في الهداية للاختلاف فيه، فقيل لا يشترط حتى لو غسل الثوب المتنجس بالدم ببول ما يؤكل لحمه زالت نجاسة الدم وبقية نجاسة البول فلا يمثع ما لم يفحش.
وصحح السرخسي أن التطهير بالبول لا يكون، واختاره المحقق في فتح القدير. ووجهه أن سقوط التنجس حال كون المستعمل في المحل ضرورة التطهير وليس البول مطهرا للتضاد بين الوصفين فيتنجس بنجاسة الدم، فما ازداد الثوب بهذا إلا شرا إذ يصير جميع المكان المصاب بالبول متنجسا بنجاسة الدم وإن لم يبق عين الدم. وتظهر ثمرة الاختلاف أيضا فيمن حلف ما فيه دم وقد غسله بالبول لا يحنث على الضعيف، ويحنث على الصحيح إليه أشار في النهاية وفي العناية: وكذا الحكم في الماء المستعمل يعني على القول بنجاسته، فقيل يزيل النجاسة والأصح لا. وأما على القول بطهارته فهو مائع مزيل طاهر فيزيل النجاسة الحقيقية، وقد
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست