البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٩١
أو غيره، فخرج الجديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا فإنه لا يطهر إلا بالغسل، وخرج الثوب الصقيل لوجود المسام، ودخل الظفر إذا كان عليه نجاسة فمسحها، وكذلك الزجاجة والزبدية الخضراء أعني المدهونة والخشب الخراطي والبوريا القصب كما في فتح القدير. وزاد في السراج الوهاج العظم والآبنوس وصفائح الذهب والفضة إذا لم تكن منقوشة. وإنما اكتفى بالمسح لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها: ولأنه لا يتداخله النجاسة وما على طاهره يزول بالمسح أطلقه فشل الرطب واليابس والعذرة والبول. وذكر في الأصل أن البول والدم لا يطهر إلا بالغسل والعذرة الرطبة كذلك، واليابسة تطهر بالحت عندهما خلافا لمحمد والمصنف كأنه اختار ما ذكره الكرخي ولم يذكر خلاف محمد وهو المختار للفتوى لما قدمناه من فعل الصحابة. كذا في العناية. وقد أفاد المصنف طهارته بالمسح كنظائره وفيه اختلاف، فقيل تطهر حقيقة، وقيل تقل وإليه يشير قول القدوري حيث قال: اكتفى بمسحهما ولم يقل طهرتا وسيأتي بيان الصحيح فيه. وفي نظائره وفائدته فيما لو قطع البطيخ أو اللحم بالسكين الممسوحة من النجاسة فإنه يحل أكله على الأول دون الثاني. ولا يخفى أن المسح إنما يكون مطهرا بشرط زوال الأثر كما قيده به قاضيخان في فتاواه، ولا فرق بين أن يمسحه بتراب أو خرقة أو صوف الشاة أو غير ذلك كما في الفتاوى أيضا. والمسام منافذ الشئ.
قوله (والأرض باليبس وذهاب الأثر للصلاة لا للتيمم) أي تطهر الأرض المتنجسة بالجفاف إذا ذهب أثر النجاسة فتجوز الصلاة عليها، ولا يجوز التيمم منها لاثر عائشة ومحمد ابن الحنفية: زكاة الأرض يبسها. أي طهارتها. وإنما لم يجز التيمم منها لأن الصعيد علم قبل التنجس طاهرا وطهورا وبالتنجس علم زوال الوصفين، ثم ثبت بالجفاف شرعا أحدهما أعني الطهارة فيبقى الآخر على ما علم من زواله وإذا لم يكن طهورا لا يتيمم به، وهذا أولى مما ذكره الشارحون في الفرق بأن طهارة المكان ثبتت بدلالة النص التي خص منها حالة غير الصلاة، والنجاسة القليلة والعام المخصوص من الحجج المجوزة كخبر الواحد فجاز تخصيصه بالأثر بخلاف قوله تعالى فتيمموا فإنه من الحجج الموجبة التي لم يدخله تخصيص،
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست