البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٩٧
ووفق الهندواني بينهما بأن رواية المساحة في الرقيق كالبول، ورواية الوزن في الثخين، واختار هذا التوفيق كثير من المشايخ، وفي البدائع وهو المختار عند مشايخ ما وراء النهر وصححه الشارح الزيلعي وصاحب المجتبى، وأقره عليه في فتح القدير لأن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى خصوصا مع مناسبة هذا التوزيع. وروي أن عمر رضي الله عنه سئل عن قليل النجاسة في الثوب فقال: إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة حتى يكون أكثر منه، وظفره كان مثل المثقال. كذا في السراج الوهاج.
وقال النخعي: أرادوا أن يقولوا مقدار المقعدة فاستقبحوا ذلك وقالوا مقدار الدرهم والمراد بعرض الكف ما وراء مفاصل الأصابع. كذا في غاية البيان. وكل من هذه الروايات خلاف ظاهر الرواية فإنه لم يذكر في ظاهر الرواية صريحا أن المراد من الدرهم من حيث العرض أو الوزن، وإنما رجح في الهداية رواية العرض لأنها صريحة في النوادر، ورواية الوزن ليست صريحة إنما أشير إليها في كتاب الصلاة حيث قال: الدرهم الكبير المثقالي. إليه أشار في البدائع. ولم يصرح المصنف رحمه الله بما يثبت به التغليظ والتخفيف وفيه اختلاف، فعند أبي حنيفة رحمه الله التخفيف والتغليظ بتعارض النصين وعدمه، وقالا بالاختلاف وعدمه. كذا في المجمع. وحاصله أنه إن ورد نص واحد بنجاسة شئ فهو مغلظ، وإن تعارض نصان في طهارته ونجاسته فهو مخفف عنده، وعندهما إن اتفق العلماء على النجاسة فهو مغلظ، وإن اختلفوا فهو مخفف. هكذا تواردت كلمتهم، وزاد في الاختيار في تفسير الغليظة عنده: ولا حرج في اجتنابه وفي تفسيرها عندهما ولا بلوى في إصابته فظهر به أن عنده كما يكون التخفيف بالتعارض يكون بعموم البلوى بالنسبة إلى جنس المكلفين وإن ورد نص واحد في نجاسته من غير معارض، وكذا عندهما كما يكون التخفيف بالاختلاف يكون أيضا بعموم البلوى في إصابته. وإن وقع الاتفاق على النجاسة فيقع الاتفاق على صدق القضية المشهورة المنقولة في الكافي وهي أن ما عمت بليته خفت قضيته، نعم قد يقع النزاع بينه وبينهما في وجود هذا المعنى في بعض الأعيان فيختلف الجواب بسبب ذلك، ثم قال ابن الملك في شرح المجمع: إذا كان النص الوارد في نجاسة شئ يضعف حكمه بمخالفة الاجتهاد عندهما فيثبت به التخفيف فضعفه بما إذا ورد نص آخر يخالفه يكون بطريق أولى، فيكون حينئذ التخفيف بتعارض النصين اتفاقا. وإنما يتحقق الاختلاف في ثبوت التخفيف
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست