لأنه تعلق بذلك المال حق غرمائه والمولى يخلف عبده في كسبه خلافة الوارث المورث ثم اقرار المورث لوارثه بعين بعد تعلق الحقوق بها لا يكون صحيحا فكذلك اقرار العبد لمولاه والا صح أن نقول العبد في حق مولاه متهم فيجعل هو في الاقرار له بالعتق بعد تعلق حق الغرماء بالمال بمنزلة المريض يقر لإنسان بعين وعليه ديون في الصحة وهناك لا يصح اقراره في حق غرماء الصحة فهذا كذلك إلا أن يعرفه الشهود بعينه فحينئذ قد ثبت ملكه بحجة لا تهمة فيها أو يقر به للغرماء فيكون الثابت في حقهم بتصديقهم كالثابت بالبينة وهو نظير اقرار المريض المديون بوديعة الأجنبي فان أقام ذلك الرجل بينة انه أودعه عبدا وقبضه المريض إلا أن الشهود لا يعرفون العبد بعينه لم يصدق على الغرماء في استحقاق المقر له ملك العين ولكن إذا مات المريض بيع العبد فيقسم ثمنه بين الغرماء وبين المستودع يضرب فيه المستودع بقيمته لأنه يثبت بالبينة انه أودعه العبد ولم يصح منه تعين العبد فقد مات مجهلا له والوديعة بالتجهيل تصير دينا ووجوب هذا الدين بسبب لا تهمة فيه والقول في تلك القيمة ان اختلفوا قول الغرماء مع أيمانهم لانكارهم الزيادة ولو أن العبد أقر بالوديعة بعينها لأجنبي كان اقراره جائزا والأجنبي أحق بها من الغرماء وإن لم يكن له بينة على أصل الوديعة لأنه غير متهم في حق الأجنبي وهذا لأنه مأذون أقر بعين بعد ما لحقه الدين واقرار المأذون بالدفع بعد ما لحقه دين صحيح فكذا إذا أقر بالعين (ألا ترى) انه لو أقر بدين استحق المقر له مزاحمة سائر الغرماء فكذلك إذا أقر له بعين استحق العين دونهم بخلاف المريض فإنه محجور لحق الغرماء حتى لو أقر بدين لم يصح اقراره في حق غرماء الصحة فكذلك إذا أقر بالدين ولو دفع المولى إلى عبده المأذون مالا وأمره أن يشترى الطعام خاصة فاشترى به رقيقا فشراؤه إياه جائز عليه في عتقه لأنه خالف أمر المولى وتنفيذ العقد عليه ممكن لكونه مأذونا وليس للبائع أن يأخذ الثمن من المال الذي دفعه إليه المولى لان الثمن فيما اشتراه لنفسه دين في ذمته وإنما يقضى ديونه من كسبه لامن أمانة للمولى في يده وكذلك لو لم يكن مأذونا له ولكنه دفع إليه المال وأمره أن يشترى به الطعام لأنه بهذا يصير مأذونا له فقد رضى المولى بنوع من تصرفه فان نقد الثمن من مال مولاه كان للمولى أن يتبع البائع بذلك المال حتى يسترده منه بعينه أو مثله إن كان هالكا لأنه غاصب في قبضه مال المولى لنفسه على وجه التملك ثم يرجع البائع على العبد لان قبضه انتقض من الأصل وكان الثمن دينا في ذمه العبد فبقي كما كان وللبائع
(٦٩)