من كسبه بالدين الأول لأنه أقوى ولا مزاحمة للضعيف مع القوى ثم بالدين الآخر ولو أقر عليه بجناية ثم مات المقر عليه وفي يده مال فإنه يتحاص أصحاب الجناية الأولى وصاحب الدين في ذلك المال لاستوائهما في القوة من حيث إن كل واحد منهما له نوع قوة من وجه ثم يدخل صاحب الجناية الأخيرة مع صاحب الجناية الأولى فيشاركه فيما أصاب لان صاحب الدين لما استوفى حقه خرج من الدين وحق صاحب الجناية الأولى والجناية الأخيرة سواء (ألا ترى) أنه لو لم يتخللهما الاقرار بالدين كانا مستويين في الكسب لان حق كل واحد منهما إنما يصير مالا بعد موت المقر عليه ويتعلق بالكسب في وقت واحد والأسباب مطلوبة لاحكامها لا لأعيانها فإذا كان صيرورة الجنايتين مالا في وقت واحد كانا مستويين في الكسب كما لو أقر بهما معا فلهذا دخل صاحب الجناية الأخيرة مع صاحب الجناية الأولى ويشاركه فيما أصابه * فان قيل هذا ليس بصحيح لان ما يأخذه صاحب الجناية الأخيرة لا يسلم له وان صاحب الدين ما استوفى كمال حقه فيكون له أن يأخذ من يد صاحب الجناية الأخيرة ما يصل إليه ويقول حقي مقدم على حقك في الكسب * قلنا القول بهذا يؤدى إلى دور لا ينقطع أبدا لأنه إذا أخذ ذلك منه لا يسلم له ولكن يأخذه منه صاحب الجناية الأولى لأنه يقول حقي في الكسب مثل حقك فليس لك أن تفضل على بشئ من الكسب فإذا أخذ ذلك منه أتاه صاحب الجناية الأخيرة واسترد ذلك منه لان حقه مثل حقه فلا يزال يدور هكذا فلقطع هذا الدور قال لا يكون لصاحب الدين سبيل على ما يأخذه صاحب الجناية الأخيرة فان استوفى صاحب الجناية الأولى وصاحب الدين حقهما وبقي شئ أضيف ذلك الباقي إلى ما أصاب صاحب الجناية الأولى فاقتسم جميع ذلك صاحبا الجنايتين نصفين حتى يستوفيا حقهما لان حقهما في الكسب سواء والمانع لصاحب الجناية الأخيرة من المزاحمة حق صاحب الدين وقد انعدم ذلك بوصول كمال حقه إليه ولو لم يمت المقر عليه ولكن المكاتب أدى فعتق فصاحب الدين أحق بما في يد المقر عليه حتى يستوفى دينه فما فضل عنه كان للمكاتب ولا شئ لصاحب الجنايتين بعد عتق المقر عليه لما بينا ولو كان أقر عليه بجناية ثم بجناية في كلام متصل أو منقطع ثم مات المقر عليه تحاصا في تركته لان كل واحدة من الجنايتين إنما تصير مالا بعد موته وتعلقهما بالكسب في وقت واحد وفى مثله المتقدم والمتأخر سواء كالمريض إذا أقر بدين ثم بدين ثم مات تحاصا في تركته سواء كان الاقرار بكلام متصل أو منقطع ولو كان أقر عليه بدينين
(١٠٦)