بالنسب ولو أكره نصراني على الاسلام فأسلم كان مسلما لوجود حقيقة الاسلام مع الاكراه فان ذلك بالتصديق بالقلب والاقرار باللسان وقد سمعنا اقراره بلسانه وإنما يعبر عما في قبله لسانه فلهذا يحكم باسلامه والأصل فيه قوله تعالى وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وقال عليه الصلاة والسلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله وقد قبل من المنافقين ما أظهروا من الاسلام مع علمه أنهم أظهروا ذلك خوفا من السيف وهذا في أحكام الدنيا فأما فيما بينه وبين ربه إذا لم يكن يعتقد فيما يقول لا يكون مسلما والذمي في هذا والحربي سواء عندنا والشافعي رحمه الله يفرق بينهما باعتبار أن اكراه الحربي على الاسلام اكراه بحق وقد قررناه فيما سبق وفرق بين الاكراه على الاسلام وبين الاكراه على الردة وقال الردة إنما تحصل بتبديل الاعتقاد والاكراه دليل ظاهر على أنه غير مبدل لاعتقاده فأما الاسلام في أحكام الدنيا فإنما يثبت بالاقرار باللسان مع التصديق بالقلب ولا طريق لنا إلى الوقوف على ما في قلبه وقد سمعنا اقراره مع الاكراه فلذلك حكمنا باسلامه فان رجع عنه إلى النصرانية أجبر على الاسلام ولم يقتل استحسانا وفى القياس يقتل لأنه بدل الدين وقد قال عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه وهذا لان الاكراه لما لم يمنع صحة الاسلام كان المكره كالطائع فيه ولكنه استحسن اسقاط القتل عنه للشبهة التي فعلت لأنا لا نعلم سره حقيقة والأدلة قد تعارضت فكون الاسلام مما يجب اعتقاده دليل على أنه معتقد والاكراه دليل على أنه غير معتقد بما يقول وتعارض الأدلة شبهة في درء ما يندرئ بالشبهات وهذا نظير القياس والاستحسان في المولود بين المسلمين إذا بلغ مرتدا يجبر على الاسلام ولا يقتل استحسانا والذي أسلم بنفسه في صغره إذا بلغ مرتدا يجبر على الاسلام ولا يقتل للشبهة المتمكنة فيه بسبب اختلاف العلماء رحمهم الله ولو كان أكرهه على الاقرار باسلام ماض منه فالاقرار باطل لان الاكراه دليل على أنه كاذب فيما أخبر به من الاقرار بالاسلام ماضيا وكذلك لو أكره بوعيد تلف أو غير تلف على أن يقر بأنه لا قود له قبل هذا الرجل ولا بينة له عليه به فالاقرار باطل لان الاكراه دليل على أنه كاذب فيما يقر به بخلاف ما إذا أكره على انشاء العفو فان اعاده بعد ذلك وأقام البينة عليه به حكم له بالقود لان ما سبق منه من الاقرار بالعفو قد بطل فكان وجوده كعدمه وكذلك لو أكرهه على أن يقر بأنه لم يتزوج هذه المرأة وانه لا بينة له عليها بذلك أو على أن هذا ليس بعبده وانه حر
(٨٤)