المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٨٤
بالنسب ولو أكره نصراني على الاسلام فأسلم كان مسلما لوجود حقيقة الاسلام مع الاكراه فان ذلك بالتصديق بالقلب والاقرار باللسان وقد سمعنا اقراره بلسانه وإنما يعبر عما في قبله لسانه فلهذا يحكم باسلامه والأصل فيه قوله تعالى وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وقال عليه الصلاة والسلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله وقد قبل من المنافقين ما أظهروا من الاسلام مع علمه أنهم أظهروا ذلك خوفا من السيف وهذا في أحكام الدنيا فأما فيما بينه وبين ربه إذا لم يكن يعتقد فيما يقول لا يكون مسلما والذمي في هذا والحربي سواء عندنا والشافعي رحمه الله يفرق بينهما باعتبار أن اكراه الحربي على الاسلام اكراه بحق وقد قررناه فيما سبق وفرق بين الاكراه على الاسلام وبين الاكراه على الردة وقال الردة إنما تحصل بتبديل الاعتقاد والاكراه دليل ظاهر على أنه غير مبدل لاعتقاده فأما الاسلام في أحكام الدنيا فإنما يثبت بالاقرار باللسان مع التصديق بالقلب ولا طريق لنا إلى الوقوف على ما في قلبه وقد سمعنا اقراره مع الاكراه فلذلك حكمنا باسلامه فان رجع عنه إلى النصرانية أجبر على الاسلام ولم يقتل استحسانا وفى القياس يقتل لأنه بدل الدين وقد قال عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه وهذا لان الاكراه لما لم يمنع صحة الاسلام كان المكره كالطائع فيه ولكنه استحسن اسقاط القتل عنه للشبهة التي فعلت لأنا لا نعلم سره حقيقة والأدلة قد تعارضت فكون الاسلام مما يجب اعتقاده دليل على أنه معتقد والاكراه دليل على أنه غير معتقد بما يقول وتعارض الأدلة شبهة في درء ما يندرئ بالشبهات وهذا نظير القياس والاستحسان في المولود بين المسلمين إذا بلغ مرتدا يجبر على الاسلام ولا يقتل استحسانا والذي أسلم بنفسه في صغره إذا بلغ مرتدا يجبر على الاسلام ولا يقتل للشبهة المتمكنة فيه بسبب اختلاف العلماء رحمهم الله ولو كان أكرهه على الاقرار باسلام ماض منه فالاقرار باطل لان الاكراه دليل على أنه كاذب فيما أخبر به من الاقرار بالاسلام ماضيا وكذلك لو أكره بوعيد تلف أو غير تلف على أن يقر بأنه لا قود له قبل هذا الرجل ولا بينة له عليه به فالاقرار باطل لان الاكراه دليل على أنه كاذب فيما يقر به بخلاف ما إذا أكره على انشاء العفو فان اعاده بعد ذلك وأقام البينة عليه به حكم له بالقود لان ما سبق منه من الاقرار بالعفو قد بطل فكان وجوده كعدمه وكذلك لو أكرهه على أن يقر بأنه لم يتزوج هذه المرأة وانه لا بينة له عليها بذلك أو على أن هذا ليس بعبده وانه حر
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156