المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٣٣
فعله الضرب بالسوط وهو بمنزلة الخطأ ولو كان أكرهه على ذلك بالحبس كان ذلك كله على الفاعل لان الاكراه بالحبس لا يجعل المكره آلة ولا يوجب نسبة الفعل إلى المكره ولو أن لصا أكره رجلا بوعيد تلف على أن يعتق نصف عبده فأعتقه كله فلا شئ على الذي أكرهه في قياس قول أبي حنيفة لان العتق عنده يتجزأ وما أتى به غير ما أكره عليه فلا يصير الاتلاف به منسوبا إلى المكره (ألا ترى) أن أصله لو أمر رجلا أن يعتق نصف عبده فأعتقه كله كان باطلا وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله المكره ضامن لقيمة العبد لان عندهما العتق لا يتجزأ فالاكراه على اعتاق النصف بمنزلة الاكراه على اعتاق الكل ولو أكرهه على أن يعتق كله فأعتق نصفه فكذلك عندهما لان اعتاق النصف كاعتاق الكل فاما في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله فالعتق يتجزأ فيستسعى العبد في نصف قيمته لمولاه بمنزلة ما لو كان أعتق نصف عبده طائعا ويرجع المولى على المكره بنصف قيمته لأنه أتى ببعض ما أكره عليه فكان حكم الاكراه ثابتا فيما أتى به (ألا ترى) أن المأمور باعتاق العبد لو أعتق نصفه نفذ فان نوى ما على العبد من نصف القيمة كان للمولى أن يرجع به أيضا على المكره ويرجع المكره به على العبد فيكون الولاء بينهما نصفين لان المكره صار كالمعتق لذلك النصف واعتاق النصف افساد لملكه في النصف الآخر من حيث إنه يتعذر عليه استدامة الملك فيه فيكون ضامنا له قيمة النصف الآخر ثم يرجع به على العبد لأنه يملك ذلك النصف بالضمان فيستسعيه فيه ويكون الولاء بينهما نصفين لان هذا النصف عتق على ملك المكره بأداء السعاية إليه قالوا وينبغي أن يكون هذا الجواب فيما إذا كان المكره موسرا على قياس ضمان المعتق ولو أن مريضا أكرهت امرأته بوعيد تلف أو حبس حتى تسأله ان يطلقها تطليقة بائنة فسألته ذلك فطلقها كما سألت ثم مات وهو في العدة ورثته لان سؤالها مع الاكراه باطل فان تأثير سؤالها في الرضا منها بالفرقة واسقاط حقها من الميراث وذلك مع الاكراه لا يتحقق ولو سألته تطليقتين بائنتين ففعل ثم مات وهي في العدة لم ترثه لأنها سألته غير ما أكرهت عليه ولان ما زادت من عندها كاف لاسقاط حقها في الميراث (ألا ترى) أنها لو سألت زوجها أن يطلقها تطليقة بائنة فطلقها تطليقتين بائنتين ثم مات وهي في العدة لم ترثه للمعنيين اللذين أشرنا إليهما (ألا ترى) أنه لو لم يدخل بامرأته حتى جعل أمرها بيد رجل يطلقها تطليقة إذا شاء وأكره بوعيد تلف على أن جعل في يد ذلك الرجل تطليقة أخرى ففعل فطلقها الرجل التطليقتين جميعا لم يرجع الزوج على
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156