لو آمن بي اثنا عشر منهم آمن بي كل يهودي على وجه الأرض يعنى رؤساءهم ثم بين أن هذا البغض لا يحمله على الحيف والظلم عليهم فالحيف هو الظلم قال الله تعالى أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله فكيف يحمله ما عرضوا من الرشوة على الميل إليهم وقال أما الذي عرضتم من الرشوة فإنها سحت يعني تناول السحت من معامليكم دون المسلمين وقد وصفهم الله بذلك بقوله سماعون للكذب أكالون للسحت والسحت هو الحرام الذي يكون سببا للاستئصال مأخوذ من السحت قال الله تعالى فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى أي يستأصلكم فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض يعنى ما يقوله حق وعدل وبالعدل قامت السماوات والأرض وكان شيخنا الامام رحمه الله يقول في هذا لحديث إشارة إلى أن أمتعة النساء وحليهن لم تزل عرضة لحوائج الرجال فان اليهود لحاجتهم إلى ذلك تحكموا على نسائهم فجمعوا من حلي نسائهم حكى وأن رجلا من أهل العلم كانت له امرأة ذات يسار فسألها شيئا من مالها لحاجته إلى ذلك فأبت فقال لا تكوني أكفر من نساء خيبر كن يواسين أزواجهن بحليهن وأنت تأبى ذلك وعن ابن سيرين رحمه الله قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن رواحة رضي الله عنه إلى خيبر فقال بعثني إليكم من هو أحب إلى من نفسي ولأنتم على أهون من الخنازير ولا يمنعني ذلك من أن أقول الحق هكذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله وولده وماله لأنه به نال العز في الدنيا والنجاة في الآخرة قال الله تعالى وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها يعني بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه وينبغي أن يكون اليهود عند كل مسلم بهذه الصفة والمنزلة أيضا فهم شر من الخنازير فيما أظهروا من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدا وتعنتا فكأنه قال ذلك لأنه قد مسخ منهم قردة وخنازير كما قال الله تعالى وجعل منهم القردة والخنازير واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر بني قريظة فسمع من بعض سفائهم شتيمة فقال عليه الصلاة والسلام أتشتموني يا أخوة القردة والخنازير فقال ما كنت فحاشا يا أبا القاسم قال وذلك لا يمنعني من أن أقول الحق فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض أي بالحق ومخالفة الهوى والميل بها ثم قال قد خرصت عليكم نخيلكم ففيه دليل أن النخيل كانت مملوكة لهم وان ما كان يؤخذ منهم بطرق خراج المقاسمة فإن شئتم فخذوه ولى عندكم الشطر وإن شئتم أخذته ولكم عند الشطر
(٨)