مقوم أموالكم هذه فمعطيكم أثمانها يعنى بهذا الاجلاء لا أبطل حقهم عن أموالكم ولا أتملكها عليكم مجانا ولكني أعطيكم قيمتها وفيه دليل ان الملك الذمي من الحرمة ما لملك المسلم وانه متى تعذر ايفاء العين في ملكه يجب ازالته بالقيمة ولهذا قلنا في الكافر إذا أسلم عبده يجبر على بيعه وإذا أسلمت أم ولده تخرج إلى الحرية بالسعاية في القيمة وفيه دليل ان الامام إذا أحس بالغدر من أهل بلدة من بلاد أهل الذمة وانهم يخبرون المشركين بعورات المسلمين يكون له أن يجليهم من تلك الأرض إلى أرض أخرى وانه يقوم من أملاكهم ما يتعذر نقله فيعطيهم عوض ذلك من بيت المال أو من أرض أخرى ان كانت لعامة المسلمين كما فعله عمر رضي الله عنه فإنه أمر بأموالهم فقومت بتسعين ألف دينار فدفعها إليهم وأجلاهم وقبض أموالهم ثم قال لبنى عذرة انا لن نظلمكم ولن نستأثر عليكم أنتم شفعاؤنا في أموال اليهود فإن شئتم أعطيتم نصف ما أعطيناهم وأعطيتكم نصف أموالهم وإن شئتم سلمتم لنا البيع فتولينا الذي لهم وفيه دليل أن الشفعة تستحق بالشركة في العقار فقد كانت بنو عذرة في الوادي شركاء وان أحد الشركاء إذا اشترى فله الشفعة فيما اشترى كما للشريك الآخر وإنما يشتريه الامام للمسلمين بمال بيت المسلمين ليستحق بالشفعة ولكن الاشكال في أنهم لم يطلبوا الشفعة حتى قال لهم عمر رضي الله عنه ما قال والشفعة تبطل بترك الطلب بعد العلم بالبيع فقيل هم قد طلبوا الشفعة وأظهروا ذلك بينهم ولكنهم احتشموا عمر رضي الله عنه فلم يجاهروه بذلك فلما بلغه طلبهم قال ما قال وقيل هم عمر رضي الله عنه أن ذلك بيع شرعي وأن لهم الشفعة بذلك فعند ذلك طلبوا الشفعة وقالوا بل نعطيكم نصف الذي أعطيتم من المال وتقاسمونا أموالهم فباعت بنو عذرة في ذلك الرقيق والإبل والغنم حتى دفعوا إلى عمر رضي الله عنه خمسة وأربعين ألف دينار فقسم عمر الوادي نصفين بين الامارة وبين بني عذرة وذلك زمان التحظير حين حظر عمر رضي الله عنه الوادي نصفين يعنى جمع أنصباء المسلمين في جانب وانصباء بن عذرة في جانب وكان ذلك أمرا عظيما قد اشتهر في العرب حتى جعلوه تاريخا وكانوا يسمون ذلك زمان التحظير فيقول بعضهم لبعضهم كنت زمان التحظير ابن كذا سنة كما يكون مثله في زماننا إذا حدث أمر عظيم في الناس يجعل التاريخ منه بمنزلة وقت الوباء وغيره وقال الزهري رحمه الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صالح أهل خيبر أعطاهم النخل على أن يعملوا ويقاسمهم نصف الثمار وكان يبعث لقسمة ذلك عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم فيقول إن شئتم
(٥)