قبل القاء البذر في الأرض وصاحب الأرض لا يملك أن يلزمه العقد بغير رضاه فيصير هو غاصبا للبذر ومن غصب بذرا فزرعه في أرض نفسه أو غيره كان الخارج كله له وعليه بذر مثل ذلك البذر ولا شئ له على المزارع لأنه لم يسلم للمزارع شئ من منفعة الأرض ولكن رب الأرض فوتها عليه ولو فوتها غاصب آخر لم يكن لرب الأرض على المزارع شئ فهذا أولى والله أعلم (باب الشروط التي تفسد المزارعة) (قال رحمه الله) وإذا دفع إلى رجل أرضا له مزارعة على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله بالنصف وعلى أن يكرى العامل أنهارها فالمزارعة فاسدة لان رب الأرض مؤاجر أرضه بنصف الخارج وكرى الأنهار على المؤاجر كما لو أجرها بدراهم وهذا لان بكرى الأنهار يأتيها الماء ويتمكن المستأجر من الانتفاع بها وما لم يتمكن المستأجر من الانتفاع لا يستوجب الاجر فإذا ثبت أن كرى الأنهار على المستأجر قلنا إذا شرط على المستأجر فكأنه شرط لنفسه مع نصف الخارج مؤنة كرى الأنهار بمقابلة منفعة الأرض وذلك مفسد للعقد ثم منفعة كري الأنهار تبقى بعد مضي مدة المزارعة وشرط ما تبقى منفعته بعد مضى المدة على المزارع مفسد للعقد فان عمل علي هذا وكري الأنهار كان الخارج للعامل لان البذر من قبله ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه لأنه استوفى منفعة أرضه بعقد فاسد وللعامل على صاحب الأرض أجر مثل عمله في كرى الأنهار لأنه استوفى منفعة عمله بعقد فاسد فيتقاصان ويترادان الفضل ولو لم يكن كرى الأنهار مشروطا على العامل في العقد ولكن العامل كري الأنهار بنفسه فالمزارعة جائزة ولا أجر له في كريها لأنه تبرع بإيفاء ما ليس بمستحق عليه فهو بمنزلة ما لو حوطها وكذلك اصلاح المسناة فان ذلك على رب الأرض بمنزلة كرى الأنهار فان شرط على المزارع في العقد فسد به العقد وان باشره من غير شرط فالعقد جائز ولا أجر له فيما عمل ولو كان البذر من رب الأرض وقد شرط على العامل لنفسه شيئا وراء ما يقتضيه المزارعة ومنفعة هذا تبقى بعد مضى مدة المزارعة فيفسد به العقد ويكون الخارج كله لصاحب الأرض وللعامل أجر مثل عمله في جميع ذلك لان صاحب الأرض استوفى جميع عمله بعقد فاسد ولو اشترطا على رب الأرض كرى الأنهار واصلاح المسناة حتى يأتيه الشرب كانت المزارعة جائزة على شرطهما سواء كان البذر من قبل العامل أو من قبل رب الأرض
(٨٠)