من ثمنه حصته من النفقة فإن لم تف حصته بذلك فلا شئ لك عليه وهذا لان بعد انقضاء مدة المزارعة المزارع لا يجبر على العمل لو كان حاضرا فامر القاضي عليه لا ينفذ الا بطريق النظر له وذلك في أن يقصر الرجوع على مقدار حصته من الزرع وفى الزيادة على ذلك يلحقه خسران وهو لم يرض به وبين ذلك لصاحب الأرض ليكون اقدامه على الانفاق على بصيرة ولكن لا يكون القاضي غارا يحسب حصته من الزرع بحصته من النفقة لأنه حيى بتلك النفقة فان أبى أن يعطى النفقة باع القاضي حصته قيل هذا بناء على قولهما فاما عند أبي حنفية فلا يبيع القاضي حصته من ذلك لأنه لا يرى الحجر على الحر وبيع ماله عليه في دينه وقيل بل هو قولهم جميعا لان الدين الذي لزمه تعلق بنصيبه من الزرع على معني أن سلامته له متعلقة بوصول النفقة إلى صاحب الأرض فيباع فيه كما يباع المرهون والتركة في الدين ولا يتصدق واحد منهما بشئ في هذه المسائل من الزرع الذي صار له لأنه لا يتمكن خبث ولا فساد في السبب الذي به سلم لكل واحد منهما نصيبه من الزرع ولو كان البذر من العامل فزرع الأرض ثم مات المزارع قبل أن يستحصد فقال ورثته نحن نعلمها على حالها فلهم ذلك لأنهم قائمون مقام المورث في ملك نصيبه من الزرع فيقومون مقامه في العمل إذا اختاروا ذلك وهذا لان مقصود رب الأرض إقامة العمل لا عين العامل (ألا ترى) أنه كان للعامل أن يستعين بهم أو بغيرهم في حياته ليقيموا العمل فكذلك بعد وفاته إذا اختاروا العمل ولا أجر لهم في العمل لأنهم يعملون فيما لهم فيه شركه على سبيل الخلافة عن مورثهم ولا أجر عليهم في الأرض ان عملوها بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض لأنهم قائمون مقام مورثهم وعقد المزارعة لم يبطل بموت مورثهم إذا اختاروا العمل وان قالوا لا نعملها لم يجيروا على العمل لأنهم إنما يخلفون الميت في أملاكه وحقوقه وليس عليهم ايفاء شئ مما كان مستحقا على مورثهم من ملكهم (ألا ترى) انهم لا يجبرون على قضاء ديونه من ملكهم فكذلك لا يجبرون على إقامة العمل الذي كان مستحقا عليه بمنافعهم وقيل لصاحب الأرض اقلع الزرع فيكون بينك وبينهم نصفين أو اعطهم قيمة حصتهم من الزرع وأنفق على حصتهم فتكون نفقتك في حصتهم مما تخرج الأرض لان المزارعة قد انقطعت بموت العامل إذا أبى الوارث إقامة العمل لفوات المعقود عليه لا إلى خلف وبقي الزرع مشتركا بينهما فهو بمنزلة ما لو أنقضت مدة العمل والزرع بقل فأراد العامل أن يقلع نصيبه وقد بينا هناك أن صاحب الأرض يتخير بين هذه الأشياء الثلاثة فهو قياسه إلا أن هناك إذا أراد صاحب الأرض
(٤٩)