البذر لا يشترط والأجرة تستحق عليه بالشرط فلا يستحق الا بمقدار ما شرط له وإذا لم يسم لصاحب البذر وسمي ما للآخر جاز لان من لا بذر من قبله إنما يستحق بالشرط فاما صاحب البذر فيستحق بملكه البذر فلا ينعدم استحقاقه بترك البيان في نصيبه وان سمى نصيب صاحب البذر ولم يسم ما للآخر ففي القياس هذا لا يجوز لأنهم ذكروا ما لا حاجة بهم إلى ذكره وتركوا ما يحتاج إليه لصحة العقد ومن لا بذر من قبله يستحق بالشرط فبدون الشرط لا يستحق شيئا ولكنه استحسن فقال الخارج مشترك بينهما والتنصيص على نصيب أحدهما يكون بيان أن الباقي للآخر قال الله سبحانه وتعالى وورثه أبواه فلأمه الثلث معناه وللأب ما بقي فكأنه قال صاحب البذر على أن لي ثلثي الخارج ولك الثلث وإذا قال له اعمل ببذري في أرضى بنفسك وبقرك وأجرائك فما خرج فهو كله لي جاز والعامل معين لان صاحب الأرض والبذر استعان به في العمل حين لم يشترط له بمقابلته شيئا ولان الذي من جانب العامل منفعة والمنفعة لا تتقوم الا بالتسمية في العقد فإذا لم يسم لم تتقوم منافعه وان قال على أن الخارج كله لك فهو جائز أيضا وصاحب الأرض معير لأرضه مقرض لبذره لأنه شرط للعامل جميع الخارج ولا يستحق جميع الخارج الا بعد أن يكون البذر ملكا له ولتمليك البذر منه هنا طريقان أحدهما الهبة والثاني القرض فيثبت الأدنى وهو القرض لأنه متيقن به ثم البذر عين متقوم بنفسه فلا يسقط تقومه عنه الا بالتنصيص على الهبة ومنفعة الأرض غير متقومة بنفسها فلا تتقوم الا بتسمية البدل بمقابلتها ولم يوجد فلهذا كان معير الأرض مقرضا للبذر بمنزلة ما لو دفع إليه حانوتا وألف درهم قال اعمل بها في حانوتي على أن الربح كله لك فإنه يكون مقرضا للألف معيرا للحانوت ولو قال ازرع في أرضى كرا من طعامك على أن الخارج كله لي لم يجز هذا العقد لأنه دفع الأرض مزارعة بجميع الخارج وحكى عن عيسى بن أبان رحمه الله أنه قال يجوز هذا لأنه شرط جميع الخارج لنفسه ولا يكون ذلك الا بملك البذر فكأنه استقرض منه البذر وأمره بان يزرعه في أرضه فيصير قابضا له باتصاله بملكه وقد بينا نظير هذا في كتاب الصرف ولكن ما ذكره في الكتاب أصح لان الأصل أن يكون الانسان في القاء بذره في الأرض عاملا لنفسه وقوله على أن الخارج لي محتمل بجواز أن يكون المراد الخارج لي عوضا عن منفعة الأرض ويجوز أن يكون المراد الخارج لي بحكم استقراض البذر والمحتمل لا يترك الأصل به ولا يثبت تمليك البذر منه بالمحتمل فكان الخارج كله لصاحب
(٢٣)