ليعمل بآلاته له وذلك صحيح كما لو أستأجر خياطا ليخيط بإبرة صاحب الثوب أو طيانا ليجعل الطين بآلة صاحب العمل والوجه الثالث أن تكون الأرض والبذر من أحدهما والبقر والآلات من العامل وهذا جائز أيضا لان صاحب الأرض استأجره ليعمل بآلات نفسه وهذا جائز كما إذا أستأجر خياطا ليخيط بإبرة نفسه أو قصارا ليقصر الثوب بآلات نفسه أو صباغا ليصبغ الثوب بصبغ له فكذلك هنا وهذا لان منفعة البقر والآلات من جنس منفعة العامل لان إقامة العمل يحصل بالكل فيجعل ذلك تابعا لعمل العامل في جواز استحقاقه بعد المزارعة والرابع أن يكون البذر من قبل العامل والبقر من قبل رب الأرض وهذا فاسد في ظاهر الرواية لان صاحب البذر مستأجر للأرض والبقر واستئجار البقر بجزء من الخارج مقصودا لا يجوز وهذا لان منفعة البقر ليست من جنس منفعة الأرض فان منفعة الأرض قوة في طبعها يحصل به الخارج ومنفعة البقر يقام به العمل فلانعدام المجانسة لا يمكن جعل البقر تبعا لمنفعة الأرض ولا يجوز استحقاق منفعة البقر مقصودا بالمزارعة كما لو كان البقر مشروطا على أحدهما فقط والأصل فيه حديث مجاهد في اشتراك أربعة نفر كما بينا وروى أصحاب الاملاء عن أبي يوسف رحمه الله أن هذا النوع جائز أيضا للعرف ولأنه لما جاز أن يكون البقر مع البذر مشروطا على رب الأرض في المزارعة فكذلك يجوز أن يكون البقر بدون الأرض مشروطا عليه كما في جانب العامل لما جاز أن يكون البذر مع البقر مشروطا على العامل جاز أن يكون البقر مشروطا عليه بدون البذر ثم في الوجوه الثلاثة ان حصل الخارج كان بينهما على الشرط وإن لم يحصل الخارج فلا شئ لواحد منهما على صاحبه لأن العقد انعقد بينهما شركة في الخارج ولئن كان إجارة فالأجرة يتعين محلها بتعيينها وهو الخارج ومع انعدام المحل لا يثبت الاستحقاق وهكذا في الوجه الرابع على رواية أبى يوسف فأما في ظاهر الرواية فالخارج كله لصاحب البذر لأنه نماء بذره فإنه يستحقه الغير عليه بالشرط بحكم عقد صحيح ولم يوجد وعليه لصاحب الأرض أجرة مثل الأرض والبقر لأنه صار مستوفيا منفعة أرضه وبقره بحكم عقد فاسد ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول تأويل قوله عليه اجر المثل لأرضه وبقره أنه يغرم له أجر مثل الأرض مكروبة فأما البقر فلا يجوز أن يستحقه بعقد المزارعة بحال فلا ينعقد العقد عليه صحيحا ولا فاسدا ووجوب أجر المثل لا يكون بدون انعقاد العقد فالمانع لا يتقوم الا بالعقد والأصح أن عقد المزارعة من جنس الإجارة ومنافع البقر يجوز استحقاقها الإجارة فينعقد عليها
(٢٠)