مما أخذت وعند الانكار المعطى يؤدى المال لقطع المنازعة والخصومة ويفدى به يمينه فلا يتمكن فيه الربا على ما بينه وذكر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فان فصل القضاء يحدث بينهم الضغائن وفيه دليل أن القاضي لا ينبغي له أن يعجل وانه مندوب إلى أن يرد الخصوم ليصطلحوا على شئ ويدعوهم إلى ذلك فالفصل بطريق الصلح يكون أقرب إلى بقاء المودة والتحرز عن النفرة بين المسلمين ولكن هذا قبل أن يستبين وجه القضاء فأما بعد ما استبان ذلك فلا يفعله الا برضا الخصمين ولا يفعله لا مرة أو مرتين لما في الإطالة من الاضرار بمن ثبت الاستحقاق له في تأخير حقه ولان لك يجر إليه تهمة الميل وعلى القاضي أن يتحرز عن ذلك بما يقدر عليه وعن عمرو بن دينار أن احدى نساء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه صالحوها على ثلاثة وثمانين ألفا على أن أخرجوها من الميراث وهي تماضر كان طلقها في مرضه فاختلف الصحابة رضوان الله عليهم في ميراثها منه ثم صالحوها على الشطر وكان له أربع نسوة فحظها ربع الثمن وهو جزء من اثنين وثلاثين جزأ فصالحوها على نصف ذلك وهو جزء من أربعة وستين جزأ وأخذت بهذا الحساب ثلاثة وثمانين ألفا ولم يشر لذلك في الكتاب وذكر في كتب الحديث ثلاثة وثمانون ألف دينار فهذا دليل ثروة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ويساره وكان قد قسم لله تعالى ماله أربع مرات في حياته تصدق في كل بالنصف وأمسك النصف فهو دليل على أنه لا بأس بجمع المال واكتساب الغني من حله فابن عوف من الصحابة العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وأيد هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم نعم المال الصالح للرجل الصالح ولكن مع هذا ترك الجمع والاستكثار وانفاق المال في سبيل الله تعالى أولى وهو الطريق الذي اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه بقوله صلى الله عليه وسلم اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين وفى حديث عبد الرحمن رضي الله عنه ما يدل عليه فان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ما أبطأ بك عنى يا عبد الرحمن قال وما ذاك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انك آخر أصحابي لحوقا بي بعد القيامة وأقول أين كنت فتقول منعني عنك المال كنت محبوسا ما تخلصت إليك حتى الآن وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يتخارج أهل الميراث يعنى يخرج بعضهم بعضا بطريق الصلح وذلك جائز لما فيه من تيسير القسمة عليهم فإنهم لو اشتغلوا بقسمة الكل على جميع الورثة ربما يشق
(١٣٦)