ضمن الغائب وعنه مخاطب أو ضمن لإنسان بعد ما حلف وهو مفلس ولو حلف لا يكفل بفلان أو لا يضمن فلانا فكفل عنه بمال لم يحنث لان الكفالة بفلان إذا أطلقت فإنما يفهم منها الكفالة بالنفس ومطلق اللفظ في اليمين محمول على ما يتفاهمه الناس في مخاطباتهم فان عنى المال كان ذلك على ما عنى لأنه شدد على نفسه بلفظ يحتمله وقد تقدم بيان هذا الجنس في كتاب والله أعلم (باب الكفالة بما لا يجوز) (قال رحمه الله) ولا يجوز الكفالة بشجة عمد فيها قصاص ولا بدم عمد فيه قصاص حتى لا يؤاخذ الكفيل بشئ من القصاص ولا من الأرش لان الكفالة إنما تصح بمضمون تجرى النيابة في ايفائه والقصاص عقوبة لا تجرى النيابة في ايفائها فلا يصح التزامها بالكفالة والأرش لم يكن واجبا على الأصيل بالفعل الذي هو موجب للقصاص والكفيل لم يكفل به أيضا وكذلك الكفالة بحد القذف باطلة لأنه عقوبة لا تجرى النيابة في ايفائها ولان المغلب فيه حق الله تعالى فيكون على قياس سائر الحدود وكذلك لا تجوز الكفالة بشئ من الأمانات لأنها غير مضمونة على الأصيل ولا هو مطالب بايفائها من عنده وإنما يلتزم الكفيل المطالبة بما هو مضمون الايفاء على الأصيل فإذا استهلكها بعد ذلك من هي في يده أو خالف فيها لم يلزم الكفيل ضمانها لان أصل الكفالة لم يصح والضمان إنما لزم الأصيل بسبب حادث بعد الكفالة وهو ما أضاف الكفالة إلى ذلك السبب وذلك في القصاص لو صالح الطالب المطلوب على مال لم يلزم الكفيل من ذلك المال شئ لأنه وجب بعقد بعد الكفالة والكفالة ما أضيفت إليه وكما لا تصح الكفالة بهذه الأشياء فكذلك الرهن لأن جواز الرهن يختص بما يمكن استيفاؤه من الرهن فان موجبه ثبوت يد الاستيفاء وكذلك الكفالة بالرهن عن المرتهن الرهن باطل لان عين الرهن أمانة في يد المرتهن والكفالة بتسليم الأمانة لا تصح كالوديعة والعارية والمضاربة وكذلك الكفالة للمولى مملوكة وهو في بيت مولاه أو قد أبق عنه باطلة لأنه غير مضمون للمولى على العبد فان المولى لا يستوجب على عبده حقا مضمونا وهذه الكفالة دون الكفالة ببدل الكتابة للمولي عن مكاتبه وذلك باطل فهذا أولى ولو دفع ثوبا إلى قصار ليقصره وضمنه رجل فضمانه باطل في قول أبي حنيفة رحمه الله وكذلك من يشبهه
(١٠٢)