فكان الرهن في يدي الكفيل حتى يحل عليه المال ويؤخذ به فان أراد أن يمسك الرهن بذلك فليس له ذلك لان أصل الرهن لم يكن صحيحا لم يثبت بقبضه يد للاستيفاء فلا يكون له أن يمسكه بعد ذلك وان وجب الدين عليه ولو آجر منه إبلا إلى مكة وكفل عنه رجل بالأجر وبالحمولة فأخذ الكفيل منه بذلك رهنا فان الرهن في ذلك جائز لان الكفيل مأخوذ بالكفالة وقد وجبت عليه أما على أصل محمد رحمه الله فلان الاجر بنفس العقد مؤجلا وعند أبي يوسف رحمه الله سبب الوجوب متقرر وان تأخر وجوب المال (ألا ترى) أن الابراء عنه صحيح فيجوز الرهن به سواء ارتهن من الكفيل أو ارتهن الكفيل من المكفول عنه بخلاف ما سبق ولو أن رجلا أحال على رجل بمال وأعطاه به رهنا جاز لان المال بالحوالة يجب للمحتال عليه على المحيل كما يجب للطالب على المحتال عليه وإن كان رجوعه عليه يتأخر إلى حين أدائه المال وإذا ادعى مسلم على كافر مالا وأدى كفالة مسلم بذلك وأقام بينة من الكفار بذلك ثبت المال بهذه البينة على الأصيل دون الكفيل المسلم وشهادة الكفار لا تكون حجة على المسلم وكذلك لو كان أصل المال على كافر فشهد كافران على مسلم وكافر أنهما كفلا عنه بهذا المال وبعضهم كفلاء عن بعض جازت الشهادة على الأصيل وعلى الكفيل الكافر ولا يجوز على الكفيل المسلم لان بعض هذه الكفالة تنفصل عن البعض فإنما يقضى بقدر ما قامت الحجة به وإذا ادعى مسلم على مسلم مالا وجحده المطلوب وادعى الطالب كفالة رجل من أهل الذمة عنه بالمال بأمره وجحد الكفيل وشهد له بذلك ذميان جازت شهادتهما على الكفيل ولم تجز على المسلم حتى أن الكفيل إذا ادعى لم يكن له أن يرجع على المسلم بشئ لان شهادة الكفار لا تكون حجة على المسلم فكما لا يثبت بهذه الشهادة الدين للطالب على المسلم فكذلك لا يثبت بها أمر الكفيل بالكفالة وكذلك لو كان المال عليهما في الصك والمسلم في صدر الصك والذمي كفيل بعده أو كان الصك عليهما وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه لان وجوب المال على أحدهما ينفصل عن وجوب المال على الآخر فإنما يقضى القاضي بقدر ما قامت الحجة به وهذه البينة حجة على الكافر دون المسلم وإذا كان الدين لرجلين على رجل فكفل أحدهما لشريكه بحصته عن المطلوب لم يجز من قبل الشركة التي بينهما معناه ان أصل المال كان مشتركا بينهما فلا يمكن أن يجعل هو كفيلا بنصيب صاحبه خاصة لان ذلك يؤدى إلى قسمة الدين قبل القبض ولا يمكن أن يجعل كفيلا بالنصف من المال المشترك بينهما لان هذا
(١٣١)