الربية تصغير الربا يعنى إذا لم يتبين لها كم ترك زوجها يتمكن في هذا الصلح شبهة الربا بأن يكون نصيبها من جنس ما أخذت من النقد مثل ما أخذت أو فوقه وفيه دليل انه يجوز للورثة أن يصالحوا بعضهم على شئ يخرجوه بذلك من مزاحمتهم وان جهالة ما يصالح عنه لا يمنع جواز الصلح لان الجهالة إنما تفسد العقد لتعذر التسليم معها والمصالح عنه لا يستحق تسليمه بالصلح فجهالته لا تمنع جواز الصلح ثم إذا صولحت المرأة على ثمنها فإن كان بعض تركة الزوج دينا على الناس فصالحوها عن الكل فهو باطل لأنها تصير مملكة نصيبها من الدين من سائر الورثة بما تأخذ منهم من العين وتمليك الدين من غير من عليه الدين بعوض لا يجوز فإذا فسد العقد في حصة الدين فسد في الكل وهو دليل لأبي حنيفة رحمه الله في مسألة البيوع أن العقد الواحد إذا فسد في البعض المعقود عليه فسد في الكل وهما يقولان حصة العين هنا من البدل المأخوذ غير معلومة والدين ليس بمال أصلا ما لم يقبض فلا يكون محلا للتمليك ببدل فهو كما لو جمع بين حر وعبد في البيع بثمن واحد فلهذا يفسد العقد في الكل وان صالحوها من حصتها من العين خاصة وإن لم يكن في التركة دين فهو على ثلاثة أوجه أحدها أن يصالحوها على أحد النقدين اما الدراهم أو الدنانير فهو جائز إلا أن يكون في التركة من جنس ذلك النقد مقدار ما يكون نصيبها من ذلك الجنس أكثر مما أخذت فحينئذ لا يجوز لان مبادلة مال الربا بحصته لا يجوز الا بطريق المماثلة فإن كان نصيبها أكثر مما أخذت كان الفضل في هذا الجنس من نصيبها من سائر التركة ربا وكذلك أن كان نصيبها ثمن هذا الجنس مثل ما أخذت فنصيبها من سائر التركة يكون فضلا خاليا عن العوض وهو الربا بعينه وان وقع الصلح عن الدراهم والدنانير فذلك جائز وإن كان في التركة من النقدين ما يكون نصيبها من كل جنس أكثر مما أخذت بطريق صرف الجنس إلى خلاف الجنس فتصحيح العقود بحسب الامكان واجب والصلح أولى بذلك من غيره لان المقصود به قطع المنازعة لما في امتدادها من الفساد والله لا يحب الفساد فان صالحوها على عرض فهو جائز لأنه وقع عليه الصلح بنفس مال الربا فسواء كان في التركة من جنس ما وقع عليه الصلح ما يكون نصيبها أكثر مما أخذت أو لم يكن فذلك لا يؤدى إلى الربا قال الحاكم رحمه الله إنما يبطل الصلح على أقل من نصيبها من الربا في حال التصادق وقد بينا ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب فأما حال المناكرة فالصلح جائز لان مع الانكار ليس لها حق مستقر وفى ذلك الجنس أكثر
(١٣٥)