الكفيل على الأصيل بمنزلة بدل القرض فان الكفيل يصير مقرضا ذمته من الأصيل بالالتزام للمطالبة بالكفالة ثم يصير مقرضا ماله منه بالأداء عنه فما يرجع به عليه يكون بدل القرض والاستبدال ببدل القرض صحيح ولو كان شئ من ذلك نسيئة لم يجز الا الطعام لان ذلك يكون دينا بدين فأما إذا صالحه بكر من حنطة إلى أجل فهو جائز لأنه لا مبادلة هنا بل هو تأجيل في عين ما استوجب الرجوع به عليه * فان قيل فأين ذهب قولكم انه بمنزلة القرض والأجل في القرض لا يلزم * قلنا هو في حكم القرض وأما في الحقيقة فليس بقرض بل هو واجب بعقد مآلا وهو الكفالة والأجل في القرض إنما لم يلزم بمنزلة الإعارة وهو غير موجود فيما وجب بعقد الكفالة فلهذا صح تأجيله فيه ولو صالحه على شئ قبل أن يؤدي كان جائزا لأنه بنفس الكفالة وجب الدين للكفيل على الأصيل كما وجب للطالب على الكفيل ولكنه مؤجل على أن يؤدي عنه والصلح عن الدين المؤجل قبل حلول الأجل صحيح فان أدى الأصيل الطعام إلى الطالب رجع على الكفيل بطعام مثله في ذلك كله (ما خلا خصلة واحدة) وهي ما إذا كان صالحه على طعام أقل من ذلك فإنه لم يرجع الا بمثل ما أعطاه لان هذا كان منه اسقاطا لبعض حقه واستيفاء للبعض فلا يرجع عليه الا بقدر ما أوفاه وفيما سواه كان الصلح بينهما مبادلة وكان الكفيل كالمستوفي منه جميع الطعام بما أخذه من عوضه وإنما استوفى ذلك ليقضى عنه ما عليه للطالب فإذا لم يفعل كان للأصيل أن يرجع عليه بما استوفى منه كما إذا أوفاه الطعام حقيقة ولو أخذ الكفيل الطعام من الأصيل قبل أن يؤديه ثم أداه كان التأجيل صحيحا لأنه استوجب المال عليه بعقد الكفالة قبل الأداء والتأجيل في الدين بعد وجوبه صحيح ولو صالح الكفيل الأصيل على دراهم ثم افترقا قبل أن يقبضها فالصلح باطل لأنه استوجب عليه الطعام دينا فإذا صالحه على دراهم كان دينا بدين فلا يكون عفوا بعد المجلس والدراهم لا تتعين بالتعيين ما لم تقبض وكذلك لو صالحه على شئ بغير عينه مما يكال أو يوزن ما خلا الطعام فإنه إن صالحه على نصف كر حنطة إلى أجل فهو جائز لأنه لا مبادلة بينهما في هذا الصلح وإنما حط عنه نصف الكر وأجله في ذلك النصف وذلك مستقيم والله أعلم (باب الكفالة والحوالة إلى أجل) (قال رحمه الله) وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم إلى أجل مسمى فضمنها رجل عنه إلى
(٦٧)