الله عليه وسلم فمن ضمنه قمت فصليت عليه فهذا تنصيص على تصحيح الضمان عن الميت المفلس والمعنى فيه أنه كفل بدين واجب فيصح كما في حال حياة المديون وهذا لان الدين كان واجبا عليه في حال حياته فلا يسقط الا بإيفاء أو ابراء أو انفساخ سبب الوجوب وبالموت لا يتحقق شئ من ذلك (ألا ترى) انه مؤاخذ به في الآخرة مطلوب به ولو تبرع انسان بقضائه جاز التبرع الا انه تعذرت مطالبته به في الدنيا بموته وبهذا لا يخرج الحق من أن يكون مطلوبا في نفسه كما لو أفلس في حال الحياة وكالعبد إذا أقر على نفسه بدين ثم كفل عنه كفيل به صح وإن كان هو لا يطالبه في حال رقه لان الحق مطلوب في نفسه وهذا لان ذمته باقية بعد الموت حكما لأنها كرامة اختص بها الآدمي وبموته لا يخرج من أن يكون محترما مستحقا لكرامات بني آدم (ألا ترى) أنه لو مات مليا بقي الدين ببقاء ذمته حكما لا للانتقال إلى المال وليس بمحل لوجوب الدين فيه وإنما هو محل القضاء الواجب منه ولو كان بالدين رهن بقي الرهن على حاله وإن كان مات عن افلاس بأن كان الرهن مستعارا من انسان وبقاء الرهن لا يكون الا باعتبار بقاء الدين لو قتل عمدا وهو مفلس فكفل به كفيل بالدين الذي عليه صح والقصاص الواجب ليس بمال ولو لم تكن الذمة باقية حكما لما صحت الكفالة هنا وهذا بخلاف دين الكتابة فالحق هناك غير مطلوب وكذلك الديون الواجبة لله تعالى فإنها غير مطلوبة في الحكم في الدنيا والكفالة تكون بالحق فيشترط كون الحق مطلوبا في نفسه على الاطلاق وهناك الحق مطلوب في نفسه وبموته لم يتغير الحكم فبقي مطلوبا وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن الحق قد توى وإنما تصح الكفالة بالقائم مثلا من الدين دون التاوي وبيان ذلك هو انه لا يتصور قيام الحق بدون محله ومحل الدين الذمة وقد خرجت ذمته بموته من أن يكون محلا صالحا لوجوب الحق فيها فان الذمة عبارة عن العهدة ومنه يقال أهل الذمة وأصل ذلك من الميثاق المأخوذ على الذرية المأخوذة من ظهر آدم صلوات الله عليه قال تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية وتمامه بالالزام المذكور في قوله تعالى وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه وذلك باعتبار صفة الحياة قبله فأما بالموت فخرج من أن يكون أهلا لالتزام شئ من الحقوق في أحكام الدنيا فعرفنا أنه لم يبق له ذمة صالحة تكون محلا للحق ولكنه في أحكام الآخرة معد للحياة فتبقى الذمة في أحكام الآخرة ولهذا كان مؤاخذا به وهو معد للحياة في الدنيا عادة فلا تبقى الذمة في أحكام الدنيا وباعتبار المطالبة
(١٠٩)