دون المال وهذا مشكل فان تعذر استيفاء القصاص لمعنى من جهة من له الحق وهو تناقضه في الدعوى وفى مثله لا يقضى بالدية كما لو قال قتلت وليك عمدا فقال لا بل قتلته خطأ لا يقضى بالمال وكل مالا قصاص فيه فهو بمنزلة الخطأ في حكم الكفالة حتى إذا ادعى على رجلين قطع يد عمدا أخذ له منهما الكفيل بالنفس لان هذا غير موجب للقصاص وإنما الدعوى فيه دعوى المال ولو أقام شاهدين عدلين على قتل خطأ قضى له بالدية ولا حبس على القاتل في ذلك ولا كفالة لان الخاطئ معذور والخطأ موضع رحمة من الشرع علينا فالخاطئ لا يستوجب التعزير إلا أن يكون داعرا فيحبس للدعارة لان في حبس الداعر تسكين الفتنة ولو أن رجلا قطع يميني رجلين فاجتمعا وطلبا كفيلا بنفسه لا يؤخذ لهما منه كفيلا بنفسه من قبل أن كل واحد منهما يدعى القصاص (ألا ترى) أن أحدهما إذا أقام البينة قضى له بالقصاص وإذا أقاما جميعا البينة قضى لهما بالقصاص حتى إذا بادر أحدهما واستوفى كان مستوفيا لحقه الا انهما إذا استوفيا القصاص يقضى لهما حينئذ بأرش اليد وقضى بنصف طرفه حقا مستحقا عليه لكل واحد منهما وإذا ثبت أن دعوى كل واحد منهما دعوى القصاص لم يؤخذ الكفيل بنفسه في قول أبي حنيفة رحمه الله ولو ادعى رجل قبل رجل قطع يد عمدا ويد القاطع شلاء فقال المدعى أنا أختار الدية فخذ لي منه كفيلا بنفسه أخذ له الكفيل لان باختياره يتعين حقه في المال وفى دعوى المال تجري الكفالة بالنفس وإذا ادعى رجل قبل رجل شتمة فاحشة وأقام عليه شاهدين بالشتمة لم يحبس المدعي عليه ولكن يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود ولما بينا أن دعوى التعزير كدعوى المال وفى دعوى المال لا يحبس ما لم تظهر عدالة الشهود ثم الحبس نهاية العقوبة في هذه الدعوى (ألا ترى) أن بعد عدالة الشهود لو رأى القاضي أن يحبسه أياما عقوبة ولا يعزر بالسوط كان له ذلك فلما كان الحبس له نهاية العقوبة هنا لا يمكن اقامتها قبل ظهور العدالة بخلاف القصاص والحدود وأشار في الحدود والقصاص إلى أن على قولهما بعد إقامة البينة قبل ظهور عدالة الشهود يحبس ولا يؤخذ الكفيل ولكن يبرأ الكفيل إن كان أخذه منه (تأويله) بعد ظهور العدالة فأما قبل ذلك فلا يشتغل بحبسه عندهما على ما فسره في دعوى الحد على العبد وإن كان المدعى عليه الشتمة رجلا له مروءة وخطر استحسنت أن لا أحبسه ولا أعزره إذا كان ذلك أول مرة لان احضاره مجلس القاضي فيه نوع تعزير في حقه فيكتفى به في أول مرة ويؤخذ بما رواه
(١٠٧)