فهو جائز لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة أو اقرار الخصم فان اختلفا في الوقت أو المكان أو الاجل فشهادتهما جائزة إذا ادعى الطالب أقرب الأجلين فان ادعى أبعد الأجلين لم تقبل الشهادة لأنه قد أكذب الذي شهد باقرارهما حين ادعى الأبعد وإنما أكذبه فيما شهد له به واكذاب المدعي شاهده فيما شهد له يبطل شهادته بخلاف الأول فهناك إنما أكذب الشاهد بأبعد الأجلين فيما شهد عليه به وذلك لا يضره وهو بمنزلة ما لو ادعى ألفا وشهد له أحد الشاهدين بألف وخمسمائة لا تقبل ولو ادعى ألفا وخمسمائة وشهد له أحد الشاهدين بألف قبلت شهادتهما على مقدار الألف لهذا المعنى ولو اختلفا في المال فشهدا أحدهما بدراهم والآخر بدنانير لم تجز شهادتهما في شئ من ذلك إذا ادعى الطالب النصفين وقال لم يشهد لي بالنصف الآخر لأنه أكذب أحدهما فيما شهد له به فتبطل شهادتهما في جميع ما شهدا به وان ادعى النصفين جميعا جازت شهادتهما في الكفالة بالنفس وبطلت في المال لأنه ما أكذب واحدا منهما فيقضى بشهادتهما فيما اتفقا عليه ويتعذر القضاء فيما تفرد به كل واحد منهما فان اتفقا في المال انه ألف درهم فقال أحدهما قرض وقال الآخر ثمن مبيع وقال لم تشهد لي على القرض فقد أكذب الشاهد بالقرض فلا تجوز شهادته له في شئ من ذلك وان ادعى الطالب ألفين ألف قرض وألف ثمن مبيع فهو ما أكذب واحدا منهما فتجوز شهادتهما له في الكفالة بالنفس وفى ألف درهم لا يقبلها على وجوب الألف واختلافهما في الجهة لا يمنع القضاء بالمال لأنهما اختلفا ولم يختلفا بقلة ولان الجهة غير مطلوبة بعينها وإنما المقصود المال بخلاف الأول فقد اختلفا هنا في جنس المال الذي هو مقصود وإن كان الشاهدان كفيلين بالمال عن صاحب الأصل لم تجز شهادتهما لأنهما يجران بها إلى أنفسهما مغنما فان الطالب إذا أخذ المال من المشهود عليه استفاد البراءة به وكذلك لا تجوز شهادة ولدهما ووالدهما لأنه ينفعهما بشهادته وكذلك لا تجوز شهادة ابن الأصيل على الكفيل بذلك لأنه ينفع أباه فان الطالب إذا استوفى المال من الكفيل برئ الأصيل وكذلك تجوز شهادة ابن الكفيل إذا أقر به الكفيل وأنكره الأصيل لأنه شهد لأبيه في ثبوت حق الرجوع على الأصيل عند الأداء وان جحد الكفيل وأقر به الأصيل جازت شهادة ابن الكفيل لأنه يشهد على أبيه للطالب بالزام المال وإذا ادعى رجل علي رجل انه كفل له بنفس رجل وبألف درهم له عليه إن لم يواف به غدا وشهد له بذلك شاهدان وشهدا أن المكفول به أمر الكفيل بذلك والكفيل والمكفول به ينكران
(١١٤)