المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٦٢
على الآمر في القياس لان وجوب الكراء بعقد آخر سوى العقد الذي أمره به فكان متبرعا في حمله بمنزلة أجنبي آخر (ألا ترى) انه لو أمره بالشراء من السوق فاشتراه ثم حمله إلى منزله بكراء كان متبرعا فيه فكذلك هذا وفى الاستحسان يرجع على الآمر بالكراء لأنه مأمور بحمله دلالة فإنه أمره بالشراء من الفرات ولا يمكنه ان يتركه هناك بعد الشراء فان الحنطة تحمل في السفن إلى بغداد فتشتري ثمة وتنقل إلى المنازل إذ لا يبقى هناك بالليل أحد يحفظها وليس هناك حانوت تحفظ فيه فلما أمره بالشراء مع علمه بهذا صار الامر آمرا له بالنقل دلالة والنقل لا يتأتى الا بالكراء وكأنه أمره بهذا الاستئجار بخلاف ما لو أمره بالشراء من السوق * توضيحه ان الوكيل مضطر في هذا النقل فإنه لو تركه هناك يكون مضيعا له فلم يكن متبرعا في هذا النقل بخلاف ما إذا اشتراه من السوق فإنه غير مضطر إلى نقله لتمكنه من الترك في حانوت البائع وإن كان الآمر أمره ان يستأجر الكر بدرهم فاستأجر له بدرهم ونصف لم يكن على الامر من الكراء شئ لان الوكيل صار مخالفا له فكان مستأجرا لنفسه فحمله على من استأجره لنفسه كحمله على دابة نفسه ولو استأجره بدرهم جاز على الآمر ولم يكن للوكيل حبس الطعام حتى يستوفى الكراء لان الكراء ليس بعوض عن الطعام وإنما يحبس الطعام ببدله وبدل الكراء هنا منفعة الدابة في الحمل وقد تلاشت وليس للحمل أثر قائم في المحمول فلا يحبس المحمول به بخلاف الخياطة والقصارة فان أثر فعل الخياط والقصار قائم في الثوب فله أن يمنعه حتى يستوفى الأجرة ولو وكله ان يشتري له طعاما بعشرة دراهم ولم يدفعها إليه فاشتراه الوكيل نسيئة فهو جائز لأنه مأمور بالشراء مطلقا وقد بينا نظيره في الوكيل بالبيع وعن أبي يوسف رحمه الله في الفصلين جميعا انه إنما يبيع ويشترى للآمر بالنسيئة إذا أمره بالتصرف على وجه التجارة لان كل واحد من النوعين من صنع التجار فإذا أمره بالبيع لا على وجه التجارة لا يملك البيع بالنسيئة وبيان هذا في كتاب الرهن ثم للآمر ان يأخذ الطعام قبل أن ينقد الثمن لان حاله مع الوكيل كحال الوكيل مع البائع وللوكيل ان يقبض المبيع قبل أن ينقد الثمن إذا كان مؤجلا فلآمر ذلك أيضا فان مات الوكيل فحل عليه الثمن لم يحل على الآمر لان حلول الثمن على الوكيل لوقوع الاستغناء عن الاجل وعدم انتفاعه ببقائه أو لان ما عليه من الدين صار كالمستحق في تركته وهو ميت وهذا لا يوجد في حق الآمر ما بقي حيا وكذلك لو أمره بأن يشتري له إلى أجل وهذا أظهر من الأول ولو كان أعطاه
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست