المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٥٦
وكيل بالبيع الفاسد عنده والوكيل بالبيع الفاسد إذا باع بيعا جائزا نفذ على الامر استحسانا فهذا مثله ولو قال بعه بيعا فاسدا فباعه بيعا جائزا كان هذا استحسانا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وفى القياس وهو قول محمد وزفر رحمهما الله لا يجوز لان أمره بالعقد لا يزيل ملكه بنفس العقد فكان كالمأمور بالهبة إذا باع أو لأنه أمره ببيع لا ينقطع به حق الموكل في الاسترداد أو أمره ببيع يكون المبيع مضمونا بالقيمة على المشترى إذا قبضه فكان كالمأمور بشرط الخيار للآمر إذا باعه بغير خيار ووجه الاستحسان أنه من جنس التصرف الذي أمره به وهو خير للآمر مما أمره به فلا يكون مخالفا كالوكيل بالبيع بألف إذا باع بألفين وبيانه انه أمره بان يطعمه الحرام بالتجارة وهو أطعمه الحلال والتجارة مشروعة لاكتساب الحلال بها دون الحرام بخلاف المضمون المأمور بالهبة إذا باع لان ما أتى به ليس من جنس ما أمره به وبخلاف بيع المأمور بشرط الخيار إذا لم يذكر الخيار لان ما أتى به ليس بأنفع للآمر به بل هو أضر عليه * يوضحه انه لو أمره بالبيع الجائز فباع بيعا فاسدا لم يكن مخالفا فعرفنا أن الامتثال بأصل العقد لا بصفة الجواز والفساد وفى الأمالي عن أبي يوسف رحمه الله انه لو أمره بأن يزوجه امرأة بغير شهود فزوجها إياه بشهود لم يجز عند أبي يوسف رحمه الله وهذا لان التوكيل بالنكاح لا يتناول النكاح الفاسد عنده بخلاف البيع ولان النكاح الفاسد لا يوجب الكل أصلا وهو غير مأمور من جهته باثبات الحل له فلهذا لا يصح مباشرته العقد الصحيح بخلاف البيع ولا اشكال على قول محمد رحمه الله انه لا يجوز فاما عند أبي يوسف رحمه الله فقال ينبغي ان يجوز لان الاذن في النكاح عنده يتناول الجائز والفاسد وما أتى به أنفع للموكل مما أمره به ولو قال بعه بعبد إلى أجل فباعه بدراهم حالة في القياس لا يجوز وهو قول محمد رحمه الله ولم يذكر قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما لله وقيل على قولهما ينبغي ان يجوز لأنه مأمور بالعقد الفاسد وقد أتى بالعقد الصحيح والأصح انه لا يجوز هنا لأنه سمى جنسا خلاف ما آمره به الآمر وعند اختلاف الجنس في المسمى يكون مخالفا وإن كان ذلك أنفع للآمر كالتوكيل بالبيع بألف درهم إذا باعه بألف دينار لا ينفذ على الآمر ولو قال بعه بألف نسيئة فباعه بألف أو أكثر من الف بالنقد فهو جائز لأنه حصل مقصود الامر وزاده خيرا بزيادته في قدر المسمى أو في صفة الحلول وان باعه بأقل من الف بالنقد لم يجز لأنه خالف مقصوده وما سمى له فإنه أمره بأن يدخل في
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست