قال كل واحد منهما بدعوى الشراء أثبت اقرار صاحبه بالملك له فكل بائع مقر بوقوع الملك للمشترى فكان هذا بمنزلة ما لو أقام كل واحد منهما البينة على اقرار صاحبه بالملك له ولو كان كذلك تهاتر الاقرار لان الثابت من الاقرارين بالبينة كالثابت بالمعاينة ولو عاين اقرار كل واحد منهما بالملك لصاحبه معا بطل الاقراران جميعا فهذا مثله لمعنى أن شهود كل واحد منهما لم يشهدوا بالتاريخ فكل أمرين ظهر أولا يعرف سبق أحدهما جعل كأنهما وقعا معا فلا يجوز اثبات التاريخ بينهما لأنه قضاء بما لم تشهد به الشهود فإذا جعلنا كالواقع معا بطلا للمنافاة بينهما وإنما يعتبر امكان العمل بالبينتين بما شهدوا به دون ما لم يشهدوا به فان وقت الشهود وقتين فهذا على وجهين إما أن يكون وقت الخارج سابقا أو وقت ذي اليد وكل وجه على وجهين اما أن تشهد الشهود بالقبض أو لم يشهدوا به فإن كان وقت الخارج سابقا فإن لم تشهد الشهود بالقبض قضى بها لذي اليد عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله لان شراءه ثبت سابقا ثم اشتراه منه ذو اليد قبل التسليم وبيع العقار قبل القبض عندهما جائز وعند محمد رحمه الله يقضي بها للخارج لأنه لا يجوز بيع العقار قبل القبض وان شهد الشهود بالقبض يقضى بها لذي اليد عندهم جميعا لان الخارج باعها من بائعه بعد ما قبضها وذلك صحيح وإن كان وقت ذي اليد سابقا يقضى بها للخارج سواء كان الشهود شهدوا بالقبض أو لم يشهدوا أما إذا شهدوا بالقبض فلا اشكال وكذلك إن لم يشهدوا به لان ذا اليد قابض وقد ثبت شراؤه سابقا فيجعل قبضه صادرا لا عن عقده ثم الخارج إنما اشتراها منه بعد قبضه فيؤمر بتسليمها إليه. قال أمة في يد رجل فأقام رجل البينة على الشراء منه وأقامت الأمة البينة على العتق أو التدبير فان بينتها أولى لان كل واحد من البينتين موجب للحق بنفسه والعتق أقوى فإنه لا يحتمل النقض بعد وقوعه وكذلك التدبير بخلاف الشراء ولان العبد بالعتق يصير قابضا لنفسه ولان العتق ينفرد به المعتق والشراء لا يتم الا بالايجاب والقبول وكان العتق والتدبير سابقا من هذا الوجه ولو استويا لم يمكن القضاء بالشراء لاقران العتق به فان معتق البعض لا يحتمل البيع فلهذا جعلنا بينتها أولى وان وقتت البينتان فأولهما أولاهما إن كان العتق أولا فغير مشكل وإن كان الشراء أولا فلان المشترى أثبت الملك لنفسه في وقت لا تنازعه الأمة فيه ثم هي أثبتت العتق والتدبير من غير المالك وذلك لا يوجب لها حقا ولو وقتت بينة الشراء ولم توقت بينة العتق أو التدبير كان العتق والتدبير أولى لما بينا أن العتق والتدبير يقع مسلما بنفسه فوجد القبض
(٦١)