المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ٥٩
البينة أنه اشتراها من فلان بثمن مسمى وهو يملكها وأقام الآخر البينة أن فلانا آخر وهبها له وقبضها منه وهو يومئذ يملكها قضى بها بينهما نصفين لان كل واحد منهما ينتصب خصما عمن ملكه في اثبات الملك له أولا ثم لنفسه فالحجتان في اثبات الملك لهما سواء فيقضى بها بينهما نصفين وكذلك لو أقام ثالث البينة على الصدقة من ثالث مع القبض وأقام رابع البينة على ارثه من أبيه قضى بينهم أرباعا لما بينا أن كل واحد منهما خصم عمن ملكه فان (قيل) إنما وضع المسألة في الدار فكيف يجوز القضاء بالهبة والصدقة في جزء منهما مشاعا (قلنا) قيل موضوع هذه المسألة في الدابة ولئن كان في الدار فكل واحد منهما أثبت استحقاقه في الكل إلا أنه لأجل المزاحمة يسلم له البعض وهذه المزاحمة بعد القبض فكان شيوعا طارئا وذلك لا يبطل الهبة والصدقة وهذا بخلاف ما إذا كانت الدار في يد رجل فأقام آخر البينة انه اشتراها من فلان بثمن مسمى وتقابضا وأقام آخر البينة أن فلانا ذلك وهبها منه وقبضها قضي بها لصاحب الشراء لأنهما لا يحتاجان هنا إلى اثبات الملك لمن ملكها فإنه ثابت بتصادقهما وإنما الحاجة إلى اثبات سبب الملك عليه والشراء أقوى من الهبة لأنه عقد ضمان يوجب الملك في العوضين والهبة تبرع لأن الشراء يوجب الملك بنفسه والهبة لا توجب الملك الا بعد القبض فكان ملك مدعى الشراء سابقا فلهذا جعل أولى وكذلك لو ادعى أحدهما الشراء والآخر الصدقة وادعى أحدهما الشراء والآخر الرهن فالشراء أولى لما بينا وإذا ادعى رجل الشراء وادعت المرأة أن فلانا ذلك تزوجها عليها فعلى قول أبى يوسف رحمه الله يقضي لكل واحد منهما بالنصف ثم للمرأة نصف القيمة على الزوج ويرجع المشترى بنصف الثمن أن كان نقده إياه وقال محمد رحمه الله يقضى بها لصاحب الشراء وللمرأة على الزوج قيمة الدابة * وجه قول محمد رحمه الله أن تصحيح البينات والعمل بها واجب ما أمكن لأنها حجج وهنا يمكن تصحيح البينتين بان يجعل الشراء سابقا فان تسمية ملك الغير صداقا تسمية صحيحة موجبة لقيمة المسمى عند تعذر تسليم عينه فلهذا جعلنا الشراء سابقا ولان الشراء مبادلة مال بمال موجب الضمان في العوضين والنكاح مبادلة مال بما ليس بمال غير موجب للضمان في المنكوحة فكان الشراء أقوى من هذا الوجه فجعل أولى وأبو يوسف رحمه الله يقول كل واحد من البينتين يثبت الملك لنفسها فتتحقق المساواة بينهما في الاستحقاق كما في دعوى الشرائين ومن وجه النكاح أقوى لان الملك في الصداق يثبت بنفس العقد متأكدا حتى لا يبطل بالهلاك قبل التسليم بخلاف
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198