حيث لا تندفع الخصومة عنه بهذه البينة لان هناك إنما صار خصما بدعوى الفعل عليه دون اليد فاما في الملك المطلق إنما صار خصما بيده (ألا ترى) أن دعوى الغصب مسموعة على غير ذي اليد ودعوى الملك غير مسموعة فإذا أثبت أن يده غيره التحق في الحكم بما ليس في يده فلهذا قلنا إن بمجرد قوله قبل إقامة البينة لا تندفع الخصومة عنه لان المدعى استحق عليه الجواب فصار هو خصما له بظهور الشئ في يده فلا يملك اسقاطه بمجرد قوله وهو لا يثبت اقراره بالبينة كما زعم هو إنما يثبت عليه اسقاط حق مستحق عليه عن نفسه وهو جواب الخصم وعن أبي يوسف رحمه الله إن كان ذو اليد رجلا معروفا بالحيل لم تندفع الخصومة عنه بإقامة البينة وإن كان صالحا تندفع الخصومة عنه رجع إلى هذا حين ابتلى بالقضاء وعرف أحوال الناس فقال قد يحتال المحتال ويدفع ماله إلى من يريد شراء ويأمر من يودعه علانية حتى إذا ادعاه انسان يقيم البينة على أنه مودع ليدفع الخصومة عن نفسه ومقصوده من ذلك الاضرار بالمدعى ليتعذر عليه اثبات حقه بالبينة فلا تندفع الخصومة عنه إذا كان متهما بمثل هذه الحيلة فان شهد شهود ذي اليد أنه أودعه رجل لا يعرفه لم تندفع الخصومة عنه فلعل ذلك الرجل هو الذي حضر ينازعه وليس في هذه الشهادة ما يوجب دفع الخصومة والثاني أن الخصومة إنما تندفع عن ذي اليد إذا حوله إلى غيره بالبينة والتحويل إنما يتحقق إذا أحاله على رجل يمكنه اتباعه ليخاصمه فإذا أحاله إلى مجهول ولا يمكنه اتباع المجهول كان ذلك باطلا لا يجوز وان قال الشهود أودعه رجل نعرفه بوجهه إذا رأيناه ولا نعرفه باسمه ونسبه فعلى قول محمد رحمه الله لا تندفع الخصومة عنه وعند أبي حنيفة رحمه الله تندفع الخصومة عنه ذكره في الجامع وجه قول محمد رحمه الله انه أحاله على مجهول لا يمكنه اتباعه ليخاصمه فكان هذا بمنزلة قولهم أودعه رجل لا نعرفه وهذا لان المعرفة بالوجه لا تكون معرفة على ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل أتعرف فلانا فقال نعم قال صلى الله عليه وسلم هل يعرف اسمه قال لا قال صلوات الله عليه إذا لا تعرفه ومن حلف لا يعرف فلانا وهو يعرف وجهه دون اسمه ونسبه لا يحنث وأبو حنيفة رحمه الله قال قد أثبت ببينته انه ليس بخصم للمدعى فانا نعلم أن مودعه ليس هو المدعى لان الشهود يعرفون المودع بوجهه ويعلمون أنه غير هذا المدعى ومقصود ذي اليد اثبات ان يده يد حفظ وانه ليس بخصم لهذا الحاضر وهذه البينة كافية في هذا المقصود ثم إن تضرر المدعى بأن لم يقدر على اتباع خصمه فذلك الضرر يلحقه من قبل أنه جهل خصمه لا من جهة
(٣٨)