بعد ما طولب به وذلك دليل أن الحضور مستحق عليه والضرر عليه في الحضور والانقطاع عن أشغاله فوق الضرر عليه في الجواب واليمين فإذا ثبت ذلك بالنص ثبت هذا بطريق الأولى مع أن دعوى المدعى وانكار المدعى عليه خبران قد تعارضا ولا يتمكن القاضي من تركهما على ذلك لما فيه من امتداد الخصومة بينهما فلا بد من طلب رجحان جانب الصدق في خبر أحدهما وذلك في بينة المدعي أو يمين المدعى عليه وهذا يدل على أن هذه اليمين حق للمدعى عليه لان ما ترجح صدقه يكون حقا له إلا أنه لما كأن لا يستحق الا بطلب المدعى فذلك دليل على أنه حق المدعى ومعنى حقه فيه أنه يوصله إلى حقه عند نكول المدعي عليه ويرجح معنى الصدق في جانبه فلهذا يصير القاضي إليه بمجرد طلب المدعى ويستوى فيما ذكرنا صنوف الاملاك وأنواع المدعيين من حر أو عبد مسلم أو ذمي مستأمن أو مرتد فالقاضي مأمور بالعدالة والانصاف في حق كل واحد. وكذلك إذا ادعاه شراء من ذي اليد أو هبة أو صدقة أو إجارة أو رهنا لأنه يدعى استحقاق ملك العين أو المنفعة واليد على ذي اليد ببعض هذه الأسباب فكان مدعيا ولا يتوصل إلى اثبات ما ادعاه الا باثبات سببه فيصير السبب مقصودا بالاثبات بالبينة لان مالا يتوصل إلى المطلوب الا به يكون مقصودا قال وأصل معرفة المدعى من المدعا عليه أن ينظر إلى المنكر منهما فهو المدعى عليه والآخر المدعى وهذا أهم ما يحتاج إلى معرفته في هذا الكتاب وما ذكره في الكتاب كلام صحيح فان النبي صلى الله عليه وسلم جعل المدعى عليه المنكر بقوله صلى الله عليه وسلم واليمين على من أنكر ولكن تمام بيان الحد لا يحصل بها فقد يكون مدعيا صورة واليمين في جانبه كالمودع يدعي رد الوديعة أو هلاكها وذو اليد إذا قال العين لي فهو مدع صورة ولا يخرج من أن يكون مدعيا عليه ولكن الفرق بينهما على ما قاله بعض أصحابنا رحمهم الله أن المدعى من يستدعى على الغير بقوله وإذا ترك الخصومة يترك والمدعى عليه من يستدعى عليه بقول الغير وإذا ترك الخصومة لا يترك وقيل المدعى من يشتمل كلامه على الاثبات ولا يصير خصما بالتكلم بالنفي فان الخارج لو قال لذي اليد هذا الشئ ليس لك لا يكون خصما مدعيا ما لم يقل هو لي والمدعى عليه من يشتمل كلامه على النفي فيكتفى به منه فان ذا اليد إذا قال ليس هذا لك كان خصما بهذا القدر وقوله هو لي فصل من الكلام غير محتاج إليه وقيل المدعى من لا يستحق الا بحجة كالخارج والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير
(٣١)