المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ٢٩
ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في شريعة من قبله وفى هذا الحديث بيان ان المدعي غير المدعى عليه لأنه صلى الله عليه وسلم ميز بينهما وذلك تنصيص على المغايرة كما في قوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر يكون تنصيصا على أن العاهر غير صاحب الفراش والمدعى لغة من يقصد ايجاب حق على غيره فالمدعى فعل يتعدى مفعوله فيكون المدعى اسما لفاعل الدعوى كالضارب والقاتل الا ان اطلاق اسم المدعي في عرف اللسان يتناول من لا حجة له ولا يتناول من له حجة فان القاضي يسميه مدعيا قبل إقامة البينة فاما بعد إقامة البينة يسميه محقا لا مدعيا ويقال لمسيلمة مدعي النبوة ولا يقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى النبوة لأنه قد أثبته بالمعجزة فعرفنا ان اطلاق الاسم على من لا حجة له عرفا وهذا الحديث يشتمل على أحكام بعضها يعرف عقلا وبعضها شرعا فقوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي يدل على أنه لا يستحق بمجرد الدعوى وهذا معقول لأنه خبر متمثل بين الصدق والكذب والمحتمل لا يكون حجة فدل على أنه يستحق بالبينة وهذا شرعي وفي خبر الشهود الاحتمال قائم ولا يزول بظهور العدالة لان العدل غير معصوم عن الكذب أو القصد إلى الكذب فحصول البينات أو الاستحقاق بشهادتهم شرعي وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم اليمين على المدعى عليه ففيه دليل على أن القول قوله وهذا معقول لأنه متمسك بالأصل فالأصل براءة ذمته وانتفاء حق الغير عما في يده وفيه دليل توجه اليمين عليه وهذا شرعي وكان المعنى فيه والله أعلم أن المدعى يزعم أنه صار متويا حقه بإنكاره فالشرع جعل له حق استحلافه حتى أن كان الامر كما زعم فاليمين العمومي مهلكة للمدعى عليه فيكون أتوا بمقابلة اتواء وهو مشروع وإن كان بخلاف ما زعم نال المدعى عليه الثواب بذكر اسم الله تعالى على سبيل التعظيم صادقا ولا يتضرر به وفيه دليل على أن حبس البينات في جانب المدعيين لا دخال الألف واللام في البينة فلا تبقى بينة في جانب المدعى عليه لان مطلق التقسيم يقتضى انتفاء مشاركة كل واحد منهما عن قسم صاحبه فيكون حجة لنا ان بينة ذي اليد على اثبات الملك لنفسه غير مقبولة في معارضة بينة الخارج ويدل على أن جنس الايمان في جانب المدعى عليه ولا يمين في جانب المدعى فيكون دليلا لنا في أنه لا يرد اليمين على المدعي عند نكول المدعى عليه وهكذا ذكره عن إبراهيم رحمه الله في الكتاب فقال كأن لا يرد يعنى عملا بالحديث كأن لا يرد اليمين ويكون حجة لنا في أنه لا يجوز القضاء بشاهد واحد مع
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198