لا يكون مقتضيا غصب المحل ولو قال كذا في كذا وإن كان الثاني مما يكون وعاء للأول كالماء نحو ثوب في منديل أو طعام في سفينة وما أشبه ذلك لان في حقيقة للظرف فهو مخبر بأن الثاني كان ظرفا للأول مع غصبه ولن يكون ذلك الا إذا كان غصبه لهما وكذلك قوله تمرا في قوصرة أو حنطة في جوالق وإن كان الثاني هما لا يكون وعاء للأول نحو قوله غصبتا درهما في درهم لم يلزمه الثاني لأنه غير صالح أن يكون ظرفا لما أقر بغصبه أولا فلغى آخر كلامه فان (قيل) كان ينبغي أن يجعل حرف في بمعنى حرف مع لان الكلام معمول بمجازه عند تعذر العمل بحقيقته قال الله تعالى فأدخلي في عبادي (قلنا) إذا آل الامر إلى المجاز فكما يحتمل معنى مع يحتمل معنى على قال الله تعالى ولأصلبنكم في جذوع النخل أي على جذوع النخل فان حمل عليه لم يلزم الثاني وان حمل على معنى مع لزمه والذمة في الأصل بريئة فلا يجوز شغلها بالشك وإن كان الثاني مما يكون الأول وسطه نحو أن يقول غصبتك ثوبا في عشرة أثواب لم يلزمه الا ثوب واحد في قول أبى يوسف وهو قول أبي حنيفة رحمهما الله ويلزمه في قول محمد رحمه الله أحد عشر ثوبا * وجه قول محمد رحمه الله أن العشرة قد تكون وعاء للثوب الواحد فان الثوب النفيس قد يلف عادة في الثياب فكان هذا بمنزلة قوله حنطة في جوالق أو يحمل كلامه على التقديم والتأخير فيصير كأنه قال عشرة أثواب في ثوب والثوب الواحد يكون وعاء للعشرة فوجب العمل بما صرح به بحسب الامكان وعلل لأبي يوسف رحمه الله في الجناب وقال إن العشرة لا تكون وعاء معناه أن الوعاء غير الموعا والثوب إذا لف في ثياب فكل ثوب يكون موعا في حق ما وراءه فلا يكون وعاء الا الثوب الذي هو ثوب ظاهر فإذا كأن لا يتحقق كون العشرة وعاء للثوب الواحد كان آخر كلامه لغوا وحمله علي التقديم والتأخير لا معنى له فإنه اشتغال بايجاب المال في ذمته بالمحتمل وبتأويل هو مخالف للظاهر وذلك لا يجوز ولو قال غصبته كرباسا في عشرة أثواب حرير عند محمد رحمه الله يلزمه الكرباس وعشرة أثواب حرير لان الحرير لا يجعل وعاء للكرابيس عادة ولو قال غصبتك طعاما في بيت كان هذا بمنزلة قوله طعاما في سفينة لان البيت قد يكون وعاء للطعام فيكون اقرارا بغصب البيت والطعام إلا أن الطعام يدخل في ضمانه بالغصب والبيت لا يدخل في ضمانه في قول أبي حنيفة وأبى يوسف الآخر لأنه مما لا ينقل ولا يحول والغصب الموجب للضمان لا يكون الا بالنقل والتحويل وان قال لم أحول الطعام من موضعه لم يصدق في
(١٩٣)