اقرار بغصب ما سمى عبدا وبالاستثناء تبين أن المغصوب لم يكن عبدا فلما كان تعتيرا صح موصولا لا مفصولا وكذلك لو قال الا ملبسه الا على قول القرار رحمه الله فإنه لا يجوز استثناء الأكثر مما تكلم به لان العرب لم تتكلم بذلك ولكنا نجوزه استدلالا بقوله تعالى قم الليل الا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا ولان طريق صحة الاستثناء أن يجعل عبارة عما وراء المستثنى ولا فرق بين الاستثناء في الأقل والأكثر وإن لم تتكلم به العرب لم يمتنع صحته إن كان موافقا لطريقهم كاستثناء الكسور لم تتكلم به العرب وكان صحيحا ولو قال الا العبد كله كان الاستثناء باطلا لأنه لا يمكن تصحيحه بان جعل عبارة عما وراء المستثنى فإنه لا يبقى وراء المستثنى شئ فكان هذا رجوعا لا استثناء والرجوع عن الاقرار باطل موصولا كان أو مفصولا ولو قال غصبتك كذا وكذا فهو اقرار بغصبهما فان حرف الواو للعطف والعطف للاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه في الخبر فيقول الرجل جاءني زيد وعمر فيكون اخبارا بمجيئهما فإذا قال غصبته عبدا أو جارية كان اقرارا بغصبهما لأنه خبر المذكور أو لأنه مغصوب ولم يذكر للثاني خبر يستقل به فكان الخبر الأول خبر له وكذا خبر أن يقول دابة مع سرجها لان كلمة مع للقران فقد قرن بينهما في الاقرار بفعل الغصب فيهما إذ لا تتحقق المقارنة منه الا في هذا وكذلك لو قال كذا بكذا نحو أن يقول غصبته فرسا بلجامه أو عبدا بمنديله فهو اقرار بغصبهما لان الباء للالصاق فيصير هو ملصقا الثاني بالأول فيما أخبر به من فعل الغصب ويكون مبنيا أن عند غصبه كان اللجام ملصقا بالدابة ولن يتحقق الالصاق الا بعد أن يكون غاصبا لهما وكذلك لو قال كذا فكذا نحو أن يقول غصبت عبدا فجارية فان الفاء للوصل وفيه معنى العطف على سبيل التعقيب ولن تتحقق هذه المعاني الا بعد أن كان غاصبا لهما وكذلك لو قال كذا وعليه كذا نحو أن يقول غصبته دابة عليها سرجها لأنه جعل المغصوب محلا لما ذكره آخرا فيقتضى أن يكون غاصبا لهما وان قال كذا من كذا بان قال غصبت منديلا من غلامه أو سرجا من دابته كان اقرارا بالغصب في الأول خاصة لان كلمة من للتبعيض فإنه يفهم منه الانتزاع فعلى أنه انتزع ما أقر بغصبه أولا من ملكه (ألا ترى) أنه يقول منديلا من رأسه أو ثوبا من بدنه فلا يفهم الاقرار بغصب الثوب والمنديل وكذلك لو قال كذا على يجوز أن يقول غصبته إكافا على حماره فيكون اقرارا بغصب الاكاف خاصة والحمار مذكور لبيان محل المغصوب حين أخذه وغصب الشئ من محل
(١٩٢)