المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ١٨٥
بالسوء على الاقرار به كاذبا وربما ينفعه عن الاقرار بالصدق وفي حق نفسه النفس الامارة بالسوء لا تحمله على الاقرار بالكذب وربما يمنعه على الاقرار بالصدق فلظهور دليل الصدق فيما يقربه على نفسه جعل اقراره حجة واليه أشار الله تعالى في قوله بل الانسان على نفسه بصيرة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما أي شاهد بالحق والدليل على أنه حجة شرعا قوله تعالى وليملل الذي عليه الحق فأمر من عليه الحق بالاقرار بما عليه دليل واضح علي انه حجة والنهى عن الكتمان في قوله تعالى ولا يبخس منه شيئا وليتق الله ربه دليل علي ان اقراره حجة كما أن الله تعالى لما نهى عن كتمان الشهادة كان ذلك دليلا على أن الشهادة حجة في الاحكام ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا رضي الله عنه حين أقر على نفسه بالزنا وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العسف وأعد ما انتسب إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فيكون الاقرار حجة في الحدود التي تندرئ بالشبهات دليل على أنه حجة فيما لا يندرئ بالشبهات بالطريق الأولى ثم الاقرار صحيح بالمعلوم والمجهول بعد أن يكون المعلوم لأنه إظهار لما عليه من الحق وقد يكون ما عليه مجهولا فيصح إظهاره بالمجهول كالمعدوم بخلاف الشهادة فان أداء الشهادة لا تكون الا بعد العلم بالمشهود به. قال الله تعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون وقال صلى الله عليه وسلم للشاهد إذا رأيت مثل الشمس فاشهد والا فدع فمع الجهل لا حاجة إلى الشهادة بل هو ممنوع عن أدائها فأما من عليه الحق محتاج إلى إظهار ما عليه باقراره معلوما كان عنده أو مجهولا فقد يعلم أصل الوجوب ويجهل قدر الواجب وصفته ولهذا صح اقراره بالمجهول ولان الشهادة لا توجب حقا الا بانضمام القضاء إليها والقاضي لا يتمكن من القضاء الا بالمعلوم فأما الاقرار موجب بنفسه قبل اتصال القضاء به وإذا احتمل بالمجهول أمكن إزالة الجهالة بالاجبار على البيان فلهذا صح الاقرار ولهذا لا يعمل بالرجوع عن الاقرار ويعمل بالرجوع عن الشهادة قبل اتصال القضاء بها إذا عرفنا هذا فنقول رجل قال غصبت من فلان شيئا فالاقرار صحيح ويلزمه ما بينة ولا بد من تبيين أي شئ هو لان الشئ حقيقة اسم لما هو موجود مالا كان أو غيره إلا أن لفظ الغصب دليل علي المالية فيه فالغصب لا يرد الا على ما هو مال وما ثبت بدلالة اللفظ فهو كالملفوظ كقوله اشتريت من فلان شيئا يكون اقرارا بشراء ما هو مال لأن الشراء لا يتحقق الا فيه ولا بد من أن يبين مالا يجري فيه التمانع بين الناس حتى لو فسره بحبة حنطة لم يقبل ذلك منه لان اقراره بالغصب
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198