بالسوء على الاقرار به كاذبا وربما ينفعه عن الاقرار بالصدق وفي حق نفسه النفس الامارة بالسوء لا تحمله على الاقرار بالكذب وربما يمنعه على الاقرار بالصدق فلظهور دليل الصدق فيما يقربه على نفسه جعل اقراره حجة واليه أشار الله تعالى في قوله بل الانسان على نفسه بصيرة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما أي شاهد بالحق والدليل على أنه حجة شرعا قوله تعالى وليملل الذي عليه الحق فأمر من عليه الحق بالاقرار بما عليه دليل واضح علي انه حجة والنهى عن الكتمان في قوله تعالى ولا يبخس منه شيئا وليتق الله ربه دليل علي ان اقراره حجة كما أن الله تعالى لما نهى عن كتمان الشهادة كان ذلك دليلا على أن الشهادة حجة في الاحكام ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا رضي الله عنه حين أقر على نفسه بالزنا وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العسف وأعد ما انتسب إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فيكون الاقرار حجة في الحدود التي تندرئ بالشبهات دليل على أنه حجة فيما لا يندرئ بالشبهات بالطريق الأولى ثم الاقرار صحيح بالمعلوم والمجهول بعد أن يكون المعلوم لأنه إظهار لما عليه من الحق وقد يكون ما عليه مجهولا فيصح إظهاره بالمجهول كالمعدوم بخلاف الشهادة فان أداء الشهادة لا تكون الا بعد العلم بالمشهود به. قال الله تعالى الا من شهد بالحق وهم يعلمون وقال صلى الله عليه وسلم للشاهد إذا رأيت مثل الشمس فاشهد والا فدع فمع الجهل لا حاجة إلى الشهادة بل هو ممنوع عن أدائها فأما من عليه الحق محتاج إلى إظهار ما عليه باقراره معلوما كان عنده أو مجهولا فقد يعلم أصل الوجوب ويجهل قدر الواجب وصفته ولهذا صح اقراره بالمجهول ولان الشهادة لا توجب حقا الا بانضمام القضاء إليها والقاضي لا يتمكن من القضاء الا بالمعلوم فأما الاقرار موجب بنفسه قبل اتصال القضاء به وإذا احتمل بالمجهول أمكن إزالة الجهالة بالاجبار على البيان فلهذا صح الاقرار ولهذا لا يعمل بالرجوع عن الاقرار ويعمل بالرجوع عن الشهادة قبل اتصال القضاء بها إذا عرفنا هذا فنقول رجل قال غصبت من فلان شيئا فالاقرار صحيح ويلزمه ما بينة ولا بد من تبيين أي شئ هو لان الشئ حقيقة اسم لما هو موجود مالا كان أو غيره إلا أن لفظ الغصب دليل علي المالية فيه فالغصب لا يرد الا على ما هو مال وما ثبت بدلالة اللفظ فهو كالملفوظ كقوله اشتريت من فلان شيئا يكون اقرارا بشراء ما هو مال لأن الشراء لا يتحقق الا فيه ولا بد من أن يبين مالا يجري فيه التمانع بين الناس حتى لو فسره بحبة حنطة لم يقبل ذلك منه لان اقراره بالغصب