الاحتياط وأمر النسب مبنى على الاحتياط (ألا ترى) ان في حق وجوب المهر والعدة جعلت الشبهة بمنزلة حقيقة النكاح فكذلك في النسب ومتى ثبت النسب بالشبهة لا يمكن نفيه بحال لان نفى النسب بعد ثبوته لا يكون الا باللعان ولا يجرى اللعان في النكاح الفاسد والوطئ بالشبهة واما بملك اليمين لا خلاف أن النسب لا يثبت بنفس الملك ولا بالوطئ بشبهة الملك بدون الدعوة وإنما الخلاف في أن بنفس الوطئ بملك اليمين هل يصير فراشا حتى لا يثبت النسب به عندنا الا ان يقر المولى بالنسب وعند الشافعي يثبت بنفس الوطئ ولكن إذا كان المولى يطأها ويمنعها من الخروج فالأولى له ان يدعى ولدها ولا ينفيه فان الميرة في هذا ولكن لا يلزمه حكما الا بالدعوة واحتج الشافعي بما روي عن عبد الله بن زمعة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما اختصما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد ولدته زمعة فقال عبد ولد أبى ولد على فراش أبى وقال سعد رضي الله عنه ابن أخي عهد إلي فيه أخي وامرأتي أن أضمه إلى نفسي فقال صلى الله عليه وسلم هو لك يا عبد الولد للفراش وللعاهر الحجر فقد أثبت النسب من زمعة باقرار من يخلفه بوطئه إياها ولم يسبق من زمعة دعوة النسب فدل أن الفراش يثبت بنفس الوطئ والمعنى فيه أنه وضع ماءه حيث له وضعه فيثبت النسب منه كما في فراش النكاح وهذا لان الوطئ بملك اليمين ينزل منزلة عقد النكاح (ألا ترى) أنه تثبت به حرمة المصاهرة كما يثبت بالنكاح بل أقوى فحرمة الربيبة تثبت بالوطئ ولا يثبت بنفس النكاح وكذلك يحرم الجمع بين الأختين وطئا بملك اليمين كما يحرم الجمع بينهما نكاحا ثم الفراش في حق النسب يثبت بالنكاح فكذلك بالوطئ بملك اليمين ولنا ان وطئ الأمة كملكها وبملكها لا يثبت الفراش لأنه محتمل قد يكون لبيعها وقد يكون لوطئها فكذلك وطئه إياها محتمل قد يكون للاستفراش وقد يكون لقضاء الشهوة وتحقيق ذلك بالعزل عنها عادة وينفرد بذلك شرعا والمحتمل لا يكون حجة فلا يثبت النسب منه الا بالدعوة التي لا يبقى بعدها احتمال بخلاف النكاح فإنه لا يكون الا للفراش عادة (ألا ترى) ان التمكن من الوطئ هناك جعل بمنزلة حقيقة الوطئ وهنا بالتمكن من الوطئ لا يثبت النسب بالاتفاق للاحتمال فكذلك بحقيقة الوطئ ولان هناك لا يبطل بثبوت النسب ملكا باتا للزوج وهنا يبطل ملك المالية والتصرف فيها بثبوت نسب ولدها والمحتمل لا يكون حجة في ابطال الملك المتحقق به وبه فارق حرمة المصاهرة فليس في اثباتها ابطال الملك بل باب الحرمة مبنى علي الاحتياط فيجوز اثباته مع الاحتمال ولان
(١٠٠)