بالصدقة والسمسار اسم لمن يعلم للغير بالأجر بيعا وشراء ومقصوده من ايراد الحديث بيان جواز ذلك ولهذا بين في الباب طريق الجواز ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم بما هو أحسن مما كانوا يسمون به أنفسهم وهو الأليق بكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته مع الناس وإنما كان اسم التجار أحسن) لان ذلك يطلق في العبادات قال الله تعالى هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم وفيه دليل على أن التاجر يندب له إلى أن يستكثر من الصدقة لما أشار صلوات الله عليه في قوله ان البيع يحضره اللغو والحلف معناه أنه قد يبالغ في وصف سلعته حتى يتكلم بما هو لغو وقد يجازف في الحلف لترويج سلعته فيندب إلى الصدقة ليمحو أثر ذلك ذلك كما قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال صلى الله عليه وسلم أتبع السيئة الحسنة تمحها وإذا دفع الرجل إلى سمسار ألف درهم وقال اشتر بها زطيا لي بأجر عشرة دراهم فهذا فاسد لأنه استأجره لعمل مجهول فالشراء قد يتم بكلمة واحدة وقد لا يتم بعشر كلمات ثم استأجره على عمل لا يقدر على اقامته بنفسه فان الشراء لا يتم ما لم يساعده البائع على البيع وكذلك أن سمى له عدد الثياب أو استأجره لبيع طعام أو شراء طعام وجعل أجره على ذلك من النقود أو غيرها فهذا كله فاسد وكذلك لو شرط له على كل ثوب يشتريه درهما أو على كر من حنطة يبيعه درهما فهو فاسد لما بينا وان استأجره يوما إلى الليل بأجر معلوم ليبيع له أو ليشتري له فهذا جائز لأن العقد يتناول منافعه هنا وهو معلوم ببيان المدة والأجير قادر على ايفاء المعقود عليه (ألا ترى) انه لو سلم إليه نفسه في جميع اليوم استوجب الاجر وإن لم يتفق له بيع أو شراء بخلاف الأول فالمعقود عليه هناك البيع والشراء حتى لا يجب الاجر بتسليم النفس إذا لم يعمل به ثم فيما كان من ذلك فاسدا إذا اشترى وباع فله أجر مثله ولا يجاوز به ما سمى له لأنه استوفي المعقود عليه بحكم إجارة فاسدة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله ان شاء أمره بالبيع والشراء ولم يشترط له أجرا فيكون وكيلا معينا له ثم يعوضه بعد الفراغ من العمل مثل الاجر وأبو حنيفة رحمه الله في هذا لا يخالفهما فان التعويض في هبة الأعيان مندوب إليه عند الكل فكذلك في هبة المنافع وقد أحسن إليه بالإعانة وإنما جزاء الاحسان الاحسان وان قال بع المتاع ولك الدرهم أو اشتر لي هذا المتاع ولك الدرهم ففعل فله أجر مثله ولا يجاوز به ما سمى لأنه استأجره للعمل الذي سماه بدرهم فان جواب الامر بحرف الواو كجواب الشرط بحرف الفاء ولو قال إن بعت هذا
(١١٥)