المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٠٤
للكل فمن النظر للأجير أن لا يكون مضمونا عليه ولما تساوى الجانبان لم يجب الضمان بالشك وما قال إنما يستقيم أن لو كان التلف يتولد من الحفظ كما يتولد من العمل ولا يتصور تولد التلف من الحفظ إلا أن يضيع الحفظ وعند ذلك هو ضامن لا أجر له عند أبي حنيفة رحمه الله لان المعقود عليه الوصف الحادث في الثوب بعمله وقد فات قبل تمام التسليم على صاحبه فلا أجر له بخلاف أجير الواحد فالمعقود عليه هناك منافعه في المدة وقد تم التسليم فيه فبهلاك العين عنده لا يبطل الاجر وأما عندهما رب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة الثوب مقصورا " وأعطاه الاجر وان شاء ضمنه قيمته غير مقصور ولا أجر له لان المعقود عليه صار مسلما من وجه باتصاله بالثوب الا انه لم يتم التسليم حتى تغير إلى البدل وهو ضمان القيمة فيتخير صاحب الثوب ان شاء رضى به متغيرا " فضمنه قيمته مقصورا " وأعطاه الاجر وان شاء لم يرض بالتغير وفسخ العقد فيه فيضمنه قيمة ثوبه أبيض بمنزلة ما لو قبل المبيع قبل القبض فإنه يتخير المشترى فاما إذا تلف بعمله بان دق الثوب فتخرق فهو ضامن عندنا وقال زفر رحمه الله لا ضمان عليه إن لم يجاوز الحد المعتاد وللشافعي رحمه الله فيه قولان في أحد القولين يقول هو ضامن سواء تلف بفعله أو بغير فعله وفي قوله الآخر يقول لا ضمان عليه سواء تلف بفعله أو بغير فعله وجه قول زفر رحمه الله أنه عمل مأذون فيه فما تلف بسببه لا يكون مضمونا عليه كالمعين في الدق وأجير الواحد وبيانه انه استأجره ليدق الثوب ولدق عمل معلوم بحده وهو إرسال المدقة على المحل من غير عنف وقد أتى بتلك الصفة فكان مأذونا فيه ثم التخرق إنما كان لوهاء في الثوب وليس في وسع العامل التحرز من ذلك فهو نظير البزاغ والفصاد والحجام والختان إذا سرى إلى النفس لا يجب الضمان عليهم لهذا المعنى وهذا لان العمل مستحق عليه بعقد المعاوضة وما يستحق على المرء لا يبعد بما ليس في وسعه وبه فارق المشي في الطريق والرمي إلى الهدف فإنه مباح غير مستحق عليه فقيد بشرط السلامة والدليل عليه ان أجير القصار إذا دق فتخرق الثوب لم يجب الضمان على الأجير وعندكم يجب الضمان على الأستاذ فإن كان هذا العمل مأذونا فيه لم يجب الضمان على أحد وإن لم يكن مأذونا فيه فهو موجب للضمان على من باشره فاما أن يقال من باشره لا يضمن وغيره يضمن بسببه فهو بعيد جدا " وحجتنا في ذلك أن التلف حصل بفعل غير مأذون فيه فيكون مأذونا كما لو دق الثوب بغير أمره وبيان ذلك أن الاذن ثابت بمقتضى العقد والمعقود عليه عمل في الذمة والعقد عقد
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست