لما فيها من قطع منفعة الملك عن أحدهما وإن كان اقتسما على أن لا طريق لفلان وهو يعلم أنه لا طريق له فهو جائز بتراضيهما لأنه رضي بذلك لنفسه وإنما لم تصح القسمة لدفع الضرر عنه فإذا رضى بالتزام الضرر سقط اعتبار ذلك الضرر وإذا اقتسما دارا على أن يستوفى أحدهما من الآخر دارا له بألف درهم فالقسمة على هذا الشرط باطلة لان فيها معنى البيع واشتراط هذا في البيع مبطل له لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة وكذلك كل قسمة على شرط هبة أو صدقة فهي فاسدة كالبيع وكذلك كل شراء على شرط قسمته فهو باطل لان اشتراط القسمة في الشراء كاشتراط الشراء في القسمة وإذا كانت القسمة على أن يزيد شيئا معروفا فهو جائز لأنه لو شرط في البيع زيادة في الثمن مقدار مسمى أو زيادة في المبيع شيئا بعينه جاز ذلك فكذلك في القسمة و الله أعلم (باب قسمة الدور بالدراهم يريدها) (قال رحمه الله أحدهما وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها على أن يرد أحدهما على الآخر دراهم مسماة فهو جائز) لان في حصة الدراهم المشروطة العقد بيع وقد تراضيا عليه وجواز البيع يعتمد المراضات وقد بينا أن الشريكين عند القسمة يحتاجان إلى ذلك عادة إلا أن القاضي لا يفعله الا عند الضرورة فاما إذا تراضيا على القسمة فذلك مستقيم منهما ثم كل ما يصلح أن يكون عوضا مستحقا بالبيع يجوز اشتراطه في هذه القسمة عند تراضيهما عليه فالنقود حالة كانت أو مؤجلة والمكيل والموزون معينا أو موصوفا مؤجلا أو حالا يجوز استحقاقه عوضا في البيع فكذلك في القسمة فإن كان لشئ من ذلك حمل ومؤنة فلا بد من بيان مكان الايفاء فيه عند أبي حنيفة رحمه الله كما في السلم والإجارة وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ان بينا للتسليم مكانا جاز ذلك وإن لم يبينا جازت القسمة ويتعين للتسليم موضع الدار وكان ينبغي في القياس أن يتعين موضع العقد كما في السلم عندهما ولكنهما استحسانا فقالا تمام القسمة يكون عند الدار وإنما يجب عند تمام القسمة فيتعين موضع الوجوب فيه للتسليم كما في الإجارة عندهما يتعين موضع الدار لا موضع العقد لان وجوب الآخر باستيفاء المنفعة وذلك عند الدار يكون وان كانت الزيادة شيئا من الحيوان بعينه فهو جائز وإن كان بغير عينه لم يجز موصوفا كان أو غير موصوف مؤجلا كان أو حالا لان الحيوان لا يستحق في الذمة عوضا عما هو مال وإن كان بعينه
(٢٥)