المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١١٨
لا تثبت له الولاية على مال الأصيل ليوفى ما التزم منه وكل شئ أبطلنا فيه الكفالة من هذا فالإجارة جائزة نافذة إذا لم تكن الكفالة شرطا في الإجارة لأنهما عقدان مختلفان ففساد أحدهما لا يوجب فساد الاخر وان كانت الكفالة شرطا في الإجارة فعقد الإجارة نظير البيع في أنه يبطل بالشرط الفاسد وان عجل له الاجر وكفل له الكفيل فالاجر إن لم يوفه الخدمة والسكنى والزراعة فهذا جائز لأنه كفل بدين مضاف إلى سبب وجوبه وان أسلم ثوبا إلى خياط ليخيطه له بأجر مسمى واخذ منه كفيلا بالخياطة فهو جائز لأنه كفل بمضمون تجرى فيه النيابة فان المستحق على الخياط العمل في ذمته ان شاء أقامه بنفسه وان شاء أقامه بنائبه فتمكن الكفيل من ايفاء هذا العمل أيضا فلهذا كان لصاحب الثوب أن يطالب أيهما شاء فان خاطه الكفيل رجع على المكفول عنه بأجر مثل ذلك العمل بالغا ما بلغ لأنه أوفى عنه ما التزم بأمره فيرجع عليه بمثله وبمثل الخياطة أجر المثل وإن كان صاحب الثوب اشترط على الخياط أن يخيطه بيده فهذا شرط مفيد معتبر لتفاوت الناس في عمل الخياطة وإذا ثبت أن المستحق عليه إقامة العمل بيده لم تصح الكفالة له به لان الكفيل عاجز عن ايفائه بنفسه وبالكفالة لا تثبت له الولاية على يد الأصيل ليوفى ما التزمه بيده فلهذا يطلب الكفالة وكذلك سائر الأعمال والله أعلم (باب إجارة الظئر) (قال رحمه الله الاستئجار للضئورة جائز لقوله تعالى فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن والمراد بعد الطلاق وقال الله تعالى وان تعاسرتم فسترضع له أخرى يعنى باجر وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملونه فأقرهم عليه وكانوا عليه في الجاهلية وقد استؤجر لارضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم حليمة وبالناس إليه حاجة لان الصغار لا يتربون الا بلبن الآدمية والأم قد تعجز عن الارضاع لمرض أو موت أو تأبى الارضاع فلا طريق إلى تحصيل المقصود سوى استئجار الظئر جوز ذلك للحاجة وزعم بعض المتأخرين رحمهم الله أن المعقود عليه المنفعة وهو القيام بخدمة الصبي وما يحتاج إليه وأما اللبن تبع فيه لان اللبن عين والعين لا تستحق بعقد الإجارة كلبن الانعام والأصح أن العقد يرد على اللبن لأنه هو المقصود وما سوى ذلك من القيام بمصالحه تبع والمعقود عليه هو منفعة الثدي
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست