متقوما كان ذلك للمستحق وكان له القيمة للاتلاف في يد المغرور ولا يدخل على شئ مما ذكرنا المنافع فإنها تقبل العقد من الحر لان المنافع لا تتولد من العين ولكنها أعراض تحدث في العين شيئا فشيئا فكانت غير الادمي ثم نحن نجعل اللبن كالمنفعة إلا أن عندنا المنفعة لا تضمن بالاتلاف وتستحق بالإجارة دون البيع فكذلك لبن الادمي وبهذا تبين أن اللبن ليس بمال متقوم مقصود لأنه عين والعين الذي هو مال مقصود لا يستحق بالإجارة كلبن الانعام بخلاف الصبغ فصاحب الثوب هناك لا يستحق بالإجارة عين الصبغ بل ما يحدث في الثوب من اللون وكذلك الخبز وكذلك الحرض والصابون المستحق لصاحب الثوب إزالة الدرن والوسخ عن الثوب حتى أن القصار بأي شئ أزال ذلك استحق الاجر وهنا المستحق بالإجارة عين اللبن حتى لو ربت الصبي بلبن الانعام لا تستحق الاجر ولا نسلم أن اللبن غذاء على الاطلاق وإنما هو غذاء في تربية الصبيان لأجل الضرورة فهم لا يتربون الا بلبن الجنس عادة كالميتة تكون غذاء عند الضرورة ولا يدل على أنها مال متقوم وهذا نظير النكاح فان البضع يتملك بالعقد للحاجة إلى اقتضاء الشهوة وإقامة النسل ولا يحصل ذلك الا بالجنس ثم ذلك لا يدل على أنه مال متقوم مع أن الغذاء ما في الثدي من اللبن وذلك لا يحتمل البيع بالاتفاق فاما ما يحلب القوارير قل ما يحصل به غذاء الصبي وفي تجويز ذلك فساد لأنه يؤجر به الصبيان فتثبت به حرمة الرضاع بينهم وبين من كان اللبن منها ولا يعلم ذلك فان قيل سائر اجزاء الادمي متقوم حتى يضمن باتلاف فكذلك هذا الجزء قلنا قد بينا أن الادمي في الأصل ليس بمال متقوم ولا نقول يضمن بالاتلاف اجزاء الادمي بل يجب الضمان بالنقصان المتمكن في الأصل حتى لو اندملت الجراحة بالبرء ونبتت السن بعد القلع لا يجب شئ لأنه لا نقصان في الأصل فكذلك الاتلاف في اللبن لا يتمكن نقصان في الأصل ولهذا لا يجب الضمان فان قيل لا كذلك فالمستوفى بالوطئ في حكم جزء لم يضمن بالاتلاف عند الشبهة وإن لم يتمكن نقصان في الأصل قلنا المستوفي بالوطئ في حكم النفس من وجه ولهذا لا يعجل البدل في اسقاط الواجب باتلافه واللبن ليس نظيره (ألا ترى) أنه لا يضمن بالاتلاف بعد البدل ومثله لا يضمن إذا لم يكن متقوما وقد بينا أنه ليس بمال متقوم ولا بأس بان يستعط الرجل بلبن المرأة ويشربه للدواء لأنه موضع الحاجة والضرورة ولو أصاب ثوبا لم ينجسه لان الادمي طاهر في الأصل فما تولد منه يكون طاهرا الا ما قام الدليل الشرعي على نجاسته (ألا ترى) أن عرقه
(١٢٦)