المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١١٧
الأصيل وان استأجر دارا بثوب بعينه وكفل به رجل فهو جائز لان تسليم العين مستحق على المستأجر بسبب العقد عند استيفاء العمل فإنما التزم الكفيل تسليما مستحقا على الأصيل وهو مما تجري فيه النيابة والكفالة بمثله صحيحة عندنا بمنزلة الكفالة بالنفس فان استكمل السكنى وهلك الثوب عند صاحبه برئ الكفيل لان الكفيل التزم تسليم الثوب وقد برئ الأصيل عن تسليم الثوب بالهلاك فيبرأ الكفيل كما لو مات المكفول بنفسه بخلاف الكفالة بالعين المغصوبة فهناك الغاصب لا يبرأ عن تسليم الثوب بالهلاك ولهذا يلزمه قيمته والقيمة تقوم مقام العين وهنا المستأجر برئ عن تسليم الثوب حتى لا تلزمه قيمته ولكن انفسخ العقد بهلاك الثوب قبل التسليم فيلزمه أجر الدار لأنه استوفى المنفعة بحكم عقد فاسد والكفيل ما التزم من أجر مثل الدار شيئا فلهذا برئ من الكفالة وان استأجر الدار بخدمة عبد شهرا وكفل رجل بالخدمة لم يجز لأنه التزم مالا يقدر على ايفائه فخدمة عبد بعينه لا يمكن ايفاؤها من محل آخر وان كفل بنفس العبد فإنه يؤخذ به لان تسليم نفس العبد بالعقد يستحق على المؤاجر وهو مما تجرى فيه النيابة فتصح الكفالة به ويطالب الكفيل بتسليمه فإذا مضى الشهر وأقر المكفول له انه كان حقه قبل خدمة الشهر الماضي برئ الكفيل من ذلك لان المطالبة بتسليم العبد تسقط عن الأصيل بمضي الشهر وفوات المعقود عليه فبرئ الكفيل وله أجر مثل الدار على المستأجر لان منفعة الدار بقيت مستوفاة وقد انفسخ العقد بفوات ما يقابلها قبل الاستيفاء فيجب رد المستوفى ورد المنفعة برد أجر المثل ولا شئ على الكفيل من ذلك وإذا استأجر محملا أو زاملة إلى مكة وكفل بها رجل بالحمولة فهو جائز لأنه كفل بما هو مضمون في ذمة الأصيل وتجرى النيابة في ايفائه لان الحمولة إذا لم تكن معينة فالكفيل يقدر على ايفائه كما يقدر الأصيل فلهذا يؤخذ الكفيل بالحمولة كما يؤخذ المؤاجر فكذلك إذا استأجر منه إبلا بغير أعيانها يحمل عليها متاعا مسمى إلى بلد معلوم وكفل له رجل بالحمولة جاز للمعنى الذي ذكرنا ولو استأجر إبلا بأعيانها وكفل رجل بالحمولة لم تجز الكفالة لان الكفيل لا يقدر على ايفاء المكفول به من مال نفسه فان غير ما عين لا يقوم مقام المعين في الايفاء فهو بمنزلة ما لو كفل بمال بشرط أن يؤدى ذلك من مال نفسه الأصيل وذلك باطل ولو استأجر دارا ليسكنها أو أرضا ليزرعها أو رجلا ليخدمه وكفل له رجل بالوفاء بذلك كله فهو باطل لان الكفيل عاجز عن ايفاء ما التزم بماله ونفسه وبنفس الكفالة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست