المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٢٧
وعند زفر لا يجوز ما لم يبين عدد الفلوس لأن العقد لا يتعلق بالدانق ولا بالدرهم وإنما يتعلق بالفلوس فلا بد من أن تكون معلومة العدد ولا يحصل ذلك بتسمية الدانق والدرهم لان الناس قد يستقصون في بيع الفلوس وقد يتسامحون ولان الدانق والدرهم ذكر للوزن والفلوس عددي فيلغوا اعتبار ذكر الوزن فيه بنفي ذكر الفلوس فلا يجوز العقد الا ببيان العدد ولا يحصل ذلك بتسمية الدانق والدراهم وأبو يوسف يقول بذكر الدانق والدرهم يصير عدد الفلوس معلوما لان قدر ما يوجد بالدراهم من الفلوس معلوم في السوق فتسمية الدرهم كتسمية ذلك العدد في الاعلام على وجه لا تمكن المنازعة فيه بينهما ومحمد يقول فيما دون الدرهم يكثر الاستعمال بين الناس للعبارة عما يوجد به من عدد الفلوس فيقام مقام تسمية ذلك العدد وفي الدرهم وما زاد على ذلك قلما يستعمل هذا اللفظ. يوضح الفرق أن الدانق والدانقين لا يكون معلوم الجنس الا بالإضافة وقد يكون ذلك من الذهب والفضة وغيرهما من الموزونات فإنما يصير معلوما بذكر الفلوس فأقمنا ذلك مقام تسمية العدد واما الدرهم فمعلوم بنفسه غير مضاف إلى شئ فلا يجعل عبارة عن العدد من الفلوس فلهذا قال هو في الدرهم أفحش (رجل) أعطى لرجل درهما فقال أعطني بنصفه كذا فلسا وأعطني بنصفه درهما صغيرا وزنه نصف درهم فهو جائز لأنه جمع بين عقدين يصح كل واحد منهما بالانفراد * قال فان افترقا قبل أن يقبض الفلوس والدرهم الصغير بطل في الدرهم الصغير لأن العقد فيه صرف وقد افترقا قبل قبض أحد البدلين ولم يبطل العقد في الفلوس لأن العقد فيه بيع وان افترقا قبل قبض أحد البدلين ولم ينقد الثمن حتى افترقا بطل الكل لأنهما افترقا عن دين بدين وإن كان دفع إليه الدرهم وقال أعطني بنصفه كذا فلسا وأعطني بنصفه درهما صغيرا يكون فيه نصف درهم الا حبة ففي قياس قول أبي حنيفة يفسد البيع كله وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يجوز في الفلوس ويبطل في حصة الصرف لأن العقد في الدرهم الصغير يفسد لمعنى الربا فان مقابلة نصف الدرهم بنصف درهم الا حبة يكون ربا وعند أبي حنيفة إذا فسد العقد في البعض لمعنى الربا يفسد في الكل وقد بيناه في البيوع * قال رضي الله عنه الأصح عندي ان العقد يجوز في حصة الفلوس عندهم جميعا على ما وضع عليه المسألة في الأصل فإنه قال وأعطني بنصفه الباقي درهما وإذا تكرر الاعطاء يتفرق العقد به وفساد أحد العقدين لا يوجب فساد الآخر ألا ترى أن على هذا الوضع لا يكون قبول العقد في أحدهما شرطا للقبول في الآخر
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست