والأشجار مثمرة وغير مثمرة فربما لا يكون للزرع والثمر في ذلك الوقت قيمة الا شيئا يسيرا فلو اعتبرنا قيمته محصودا تضرر به الشفيع فلدفع الضرر قال اقسم الثمن على قيمة الأرض مزروعة وغير مزروعة فما يخص قيمتها غير مزروعة فهو حصة الأرض يأخذها الشفيع بذلك وإذا اشترى أرضا فيها شجر صغار فكبرت فأثمرت أو كان فيها زرع فأدرك فللشفيع أن يأخذ جميع ذلك بالثمن لان حقه ثبت فيها بطريق الاتصال بالأرض والشجر بيع ما بقي الاتصال وإذا اشترى بيتا ورحى ماء فيه ونهرها ومتاعها فللشفيع الشفعة في ذلك كله الا ما كان من متاعها ليس بمركب في البناء لان ما كان مركبا متصل بالأرض فهو بمنزلة البناء فيستحق بالشفعة تبعا ألا ترى أن الحمام يباع ويأخذه الشفيع بقدر الحمام لأنه في البناء فكذلك الرحا واستحقاق الشفعة في الحمام والرحا قولنا فاما عند الشافعي مالا يحتمل القسمة لا يستحق الشفعة لان من أصله أن الاخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة المقاسمة وذلك لا يتحقق فيما لا يحتمل القسمة وعندنا لدفع ضرر البادئ بسوء المجاورة على الدوام وذلك فيما لا يحتمل القسمة موجود لاتصال أحد الملكين بالآخر على وجه التأييد والقرار وحجتنا في ذلك ما روينا من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفعة في كل شئ ربع أو حائط ولان الحمام لو كان مهدوما فباع أحد الشريكين نصيبه كان للشريك الشفعة وما يستحق بالشفعة مهدوما يستحق بالشفعة مثبتا كالشقص من الدار وبهذا يتبين أن مؤنة المقاسمة ان كانت لا تلحقه في الحال فقد تلحقه في الثاني وهو ما بعد الانهدام إذا طلب أحدهما قسمة الأرض بينهما ولو اشترى أجمة فيها قصب وسمك يؤخذ بغير صيد أخذ الأجمة والقصب بالشفعة ولم يأخذ السمك لان القصب متصل بالأرض فاما السمك فلا اتصال له بالأرض بل هو كالمتاع الموضوع في الدار والأرض فلا يستحق بالشفعة وإذا اشترى عينا أو نهرا أو بئرا بأصلها فللشفيع فيها الشفعة لاتصال ملكه بالمبيع على وجه التأييد وكذلك ان كانت عين قير أو نفط أو موضع ملح أخذ جميع ذلك بالشفعة لوجود الاتصال معنى فإنه يبيع من ذلك الموضع بمنزلة ما يتولد منه بخلاف السمك إلا أن يكون المشترى قد حمل ذلك من موضعه فلا يأخذ ما حمل منه بمنزلة الزرع والتمر بعد الحصاد والجذاذ وان اشترى شربا من نهر بغير أرض ولا أصل من نهر فلا شفعة فيه لان بيع الشرب فاسد فإنه من حقوق المبيع بمنزلة الأوصاف فلا يفرد بالبيع ثم هو مجهول في نفسه غير مقدور التسليم لان البائع لا يدرى أيجرى الماء أم لا وليس في وسعه اجراؤه
(١٣٥)