المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٤٥
يكون معلما ولان هذا من عادة الصيادين أن يأخذ الصيد من الكلب ثم يرمى بقطعة منه إليه وكأن الكلب طالبه بهذه العادة فهو دليل حذقه لا دليل جهله وان انتهش الكلب من الصيد قطعة في اتباعه إياه فأكلها ثم اتبعه فأخذه أو أخذ غيره فقتله لم يحل أكله لأنه لما أكل القطعة التي تمكن منها من الصيد عرفنا أنه غير معلم وان سعيه لنفسه لا للامساك على صاحبه وإنما ترك الأكل مما بقي لأنه شبع بتناول تلك القطعة وإن كان ألقى تلك القطعة وأخذه وقتله ولم يأكل حتى أخذه ثم عاد فأكل تلك القطعة لم تضره لأنه أمسك الصيد على صاحبه حين لم يأكل منه مع حاجته وتناوله تلك القطعة بعد وصول الصيد إلي صاحبه كتناول قطعة ألقاها إليه صاحبه بل ذلك دليل حذقه حتى اشتغل بتناول ما يعلم أن صاحبه لا يرغب فيه فهو بمنزلة ما لو شرب من دمه وقد بينا ان ذلك لا يحرم الصيد فكذلك هذا. قال (ولا يحل صيد المجوسي ولا ذبيحته لقوله عليه الصلاة والسلام سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم) و لأنهم يدعون لا ثنين فلا يتحقق منهم تسمية الله تعالى على الخلوص وذلك شرط الحل في الذكاة الا فيما يحتاج فيه إلي الذكاة من سمك أو جراد وبيضة بأخذها وما أشبه ذلك فان الحل في هذه الأشياء ليس يثبت بالفعل حتى يحل وان مات بغير فعل أحد ولا اقتراب التسمية بالفعل فلا يشترط التسمية للحل فيما لا يشرط فيه الفعل والمرتد في ذلك كالمجوسي أما إذا ارتد لغير دين أهل الكتاب فلا اشكال فيه لأنه كالكافر الأصلي فيما اعتقده وان ارتد إلي دين أهل الكتاب فلانه غير مقر على ما اعتقده وقد ترك ما كان عليه فلا ملة له والنكاح وحل الذبيحة ينبنى على الملة. قال (ولا بأس بصيد المسلم بكلب المجوسي المعلم وبازيه كما يذبح بسكينه) لان المعتبر في الآلة أن تكون جارحا فلا يختلف ذلك بكون مالكه مجوسيا أو مسلما والشرط يقترن بالفعل والفاعل في الذبح والاصطياد والمسلم هو من أهل ايجاد هذا الشرط. قال (وإذا أرسل المجوسي كلبه على صيد ثم أسلم ثم زجره فانزجر بزجره وقتل الصيد لم يحل أكله) كما لو زجره مسلم آخر وهذا لان أصل إرساله كان فعلا موجبا للحرمة ولم ينسخ ذلك بالزجر بعد اسلامه وإنما ينظر في هذا الجنس إلى وقت الارسال والرمي فإن كان فيه مجوسيا أو مرتدا لم يحل صيده وان تغير عن حاله قبل أن يأخذه وإن كان مسلما ثم ارتد والعياذ بالله لم يحرم الصيد لان الحل باعتبار تسمية الله وقد بينا ان الشرط عند الارسال والرمي لا عند الإصابة فإن كان مسلما في ذلك الوقت
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست