المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٧
وبظاهر الحديث يقول جهال أهل التقشف وحماقى أهل التصوف لا يسعه أن يأخذه فلا أقل من أن يسعه الترك لظاهر الحديث (وإذا) أخذ عبدا آبقا فادعاه رجل وأقر له العبد فدفعه إليه بغير أمر القاضي فهلك عنده ثم استحقه آخر بينة أقامها فله أن يضمن أيهما شاء لكون كل واحد منهما خائنا في حقه فان ضمن الدافع رجع به على القابض لأنه أخذ العبد منه لنفسه وقد تبين انه كان غاصبا لا مالكا وللغاصب الأول حق الرجوع على الثاني بما يضمن ولأنه لم يسبق اقرار من الدافع للقابض بالملك ولو كان أقر له بذلك فسقط اعتبار اقراره لما صار مكذبا شرعا فإذا لم يسبق اقراره أولى. وإن كان لم يدفع إلى الأول حتى شهد شاهدان عنده فدفعه إليه بغير حكم ثم أقام آخر البينة عند القاضي فإنه يقضى به لهذا لان البينة الأولى أقامها صاحبها في غير مجلس الحكم فلا تكون معارضة للبينة التي قامت في مجلس الحكم لان وجوب الحكم يختص ببينة تقوم في مجلس القضاء وان أعاد الأول بينته لم ينفعه أيضا لان اليد في العبد له وبينة ذي اليد في الملك المطلق لا تعارض بينة الخارج وما يكتسبه العبد الآبق بالبيع والشراء والإجارة وغير ذلك لمولاه لأنه مالك لرقبته بعد إباقه وإذا لم يكن المكتسب أهلا للملك فمولاه يخفه في ملك الكسب لملكه رقبته وان أجره الذي أخذه وأخذ أجرته فهو للذي أجره قال لأنه في ضمانه وكأنه أشار بهذا إلى قوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ولا به بعقده صير ما ليس بمال مالا فان المنافع لا تأخذ حكم المالية الا بالعقد عندنا كما بينه في الغصب ومن صير ما ليس بمال من ملك الغير مالا بفعله كان ذلك المال له كمن اتخذ كوزا من تراب غيره وباعه ولكن ينبغي له أن يتصدق به لأنه حصل بكسب خبيث وان دفعه إلى المولى مع العبد وقال هذا المال غلة عبدك وقد سلمته لك فهو للمولى لأنه أخذ بالاحتياط فيما صنع وتحرز عن اختلاف العلماء فان عند الشافعي رضي الله عنه هذا المال للمولى وعندنا هو للأجير ولا يمنعه من تمليك مال نفسه منه طوعا ثم يحل للمولى أكله استحسانا وفى القياس لا يحل لان حق الفقير أثبت فيه حين وجب التصدق به فلا يملك الآخذ اسقاط حق الفقراء ولكنه استحسن وقال وجوب التصدق به كان لخبث دخل فيه لعدم رضى المولى به فإنما يظهر ذلك في حق الآخذ لا في حق المولى بل بالتسليم إلى المولى يزول ذلك الخبث فكان له أن يا كله استحسانا لأنه كسب عبده وفى القياس لا يجب الاجر لان المستأجر ضامن للعبد باستعماله والأجر مع الضمان لا يجتمعان ولكنه
(٢٧)
مفاتيح البحث: الكسب (1)، الوجوب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست