المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٣٠
بالقيمة وللمستحق أن يأخذ الجارية وعقرها وقيمة ولدها وبه قضى عمر وعلى رضى الله تعالى عنهما وعندهما هم يملكون الآبق إليهم بالأخذ فإذا ملكوها ملكها المشترى أيضا وقد استولدها فكانت أم ولد له ولا حق للمولى في استردادها والجعل واجب في رد المدبر وأم الولد لأنهما مملوكان للمولى يستكسبهما بمنزلة القن (فان قيل) فأين ذهب قولكم انه يستوجب الجعل باحياء المالية في أم الولد خصوصا عند أبي حنيفة (قلنا) نعم ليس له فيها مالية باعتبار الرقبة ولكن له ماليه باعتبار كسبها بخلاف المكاتب فإنه أحق بمكاسبه فلا يكون راده محييا للمولى مالية باعتبار الرقبة ولا باعتبار الكسب فان مات المولى قبل أن يوصلهما الراد إليه فلا جعل له لأنهما عتقا بموته وراد الحر لا يستوجب الجعل وكذلك أن كان على المدبر سعاية بأن لم يكن للمولى مال سواه فرده على الورثة لم يستوجب الجعل لان المستسعى بمنزلة المكاتب عند أبي حنيفة وعندهما هو حر عليه دين ولا جعل لراد المكاتب أو الحر فأما إذا وصلهما إلى المولى فقد تقرر حقه في الجعل فلا يسقط بموت المولى وعتقهما بعد ذلك * وان كن الآبق بين رجلين أثلاثا فالجعل بينهما على قدر أنصبائهما وجوبه باعتبار احياء ماليتهما والمالية لصاحب الكثير أكثر منها لصاحب القليل وراد الصغير إذا كان آبقا يستوجب الجعل كراد الكبير غير أنه ان جاء به من مسيرة سفر فله أربعون درهما وان جاء به مما دون ذلك يرضخ له على قدر عنائه وعناؤه في رد الكبير أكثر منه في رد الصغير فالرضخ يكون بحسب ذلك * وإذا انتهى الرجل بالعبد الآبق إلى مولاه فلما نطر إليه أعتقه فالجعل واجب عليه لأنه صار قابضا له باعتاقه ألا ترى ان المشترى إذا أعتق المبيع قبل القبض يصير به قابضا وكذلك أن باعه مولاه من الذي أتاه به لأنه صار قابضا له لما نفذ تصرفه فيه بالتمليك من غيره ولان سلامة الثمن له باعتبار رد هذا الراد فيكون بمنزلة سلامة العين له. وان سلمه الراد إلى مولاه فأبق منه ثم جاء به رجل آخر من مسيرة ثلاثة أيام فعلي الولي جعل تام لكل واحد منهما لان السبب وهو احياء المالية بالرد على المولى قد تقرر من كل واحد منهما بكماله وإن كان الأول أدخله المصر ثم ابق منه قبل أن ينتهى به إلى مولاه فالجعل للاخر ان جاء به من مسيرة ثلاثة أيام ويرضخ له إن كان دون ذلك ولا شئ للأول لان تمام السبب بايصاله إلى المولى والأول ما أوصله إلى المولى فانتقص السبب في حقه بإباق العبد منه قبل تمامه بالايصال إلى المولى فلا جعل له وأما الثاني فقد
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست