اضرار بالآخر (فان قيل) كان ينبغي أن يملك المستعير الإجارة ولا ينقطع حق المعير في الاسترداد بل يصير قيام حق المعير في الاسترداد عذرا في نقض الإجارة (قلنا) لو ملك المستعير الإجارة كان ذلك من مقتضيات عقد المعير وكان صحة العقد بتسليطه فلا يتمكن من نقضه بعد ذلك * وإنما لا يشترط إعلام المدة أو المكان في الإعارة لان اشتراط ذلك في المعاوضات لقطع المنازعة وذلك لا يوجد في العارية لأنه لا يتمكن بينهما منازعة إذا أراد المعير الاسترداد. ولان المعاوضات يتعلق بها صفة اللزوم وذلك لا يتحقق في غير المعلوم فأما العارية لا يتعلق بها صفة اللزوم فلهذا لا يشترط إعلام المكان ولا إعلام المدة ولا اعلام ما يحمل على الدابة وعند اطلاق العقد للمستعير ان ينتفع بالدابة من حيث الحمل والركوب كما ينتفع بدابة نفسه في قليل المدة وكثيرها ما لم يطالبه المالك بالرد لأنه لا يؤاجرها فان آجرها صار غاصبا وكان الاجر له يتصدق به وقد بيناه في كتاب الغصب. وان هلكت بعد ما آجرها كان ضامنا لها فإذا لم يؤاجرها ولكنها هلكت في يده لم يضمن في أقوال علمائنا رحمهم الله سواء هلكت من استعماله أولا وهو قول عمر وعلى وابن مسعود رضوان الله عليهم وقال الشافعي رحمه الله ان هلكت من الاستعمال المعتاد لم يضمن وان هلكت لامن الاستعمال ضمن قيمتها للمالك وهو قول ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما. واحتج في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم العارية مضمونة فقد جعل الضمان صفة للعارية فيقتضي أن يكون صفة لازمة لها كما أن الله تعالى لما جعل القبض صفة للرهن بقوله عز وجل فرهان مقبوضة اقتضى أن يكون ذلك صفة لازمة للرهن. واستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان دروعا في حرب هوازن فقال له أغصبا يا محمد قال صلى الله عليه وسلم لا بل عارية مضمونة مؤداة. وكتب في عهد بنى نجران وما تعار رسلي فهلكت على أيديهم فضمانها على رسلي. وقال صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترد والاخذ إنما يطلق في موضع يأخذ المرء لمنفعة نفسه وذلك موجود في العارية وهو المعنى الفقهي أنه لما قبض مال الغير لنفسه لا عن استحقاق تقدم فكان مضمونا عليه كالمغصوب والمقبوض على سوم الشراء والمستقرض. وهذا لأنه لما لم يثبت بهذا العقد استحقاق تسليم العين عرفنا انه مقصور علي المنفعة لا يتعدى إلى العين فصار في حق العين كأنه قبضه بغير إذنه بخلاف الإجارة فقد تعدى العقد هناك إلى العين حتى تعلق به استحقاق تسليم العين. وبخلاف
(١٣٤)