المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٣٧
أرغب في الاسلام مما كنت يومئذ ولو كان الضمان واجبا لامره بالاستيفاء أو الابراء (وقوله صلى الله عليه وسلم) وما يعار رسلي فهلك علي أيديهم أي استهلكوه لأنه يقال هلك في يده إذا كان بغير صنعه وهلك على يده إذا استهلكه (وقوله صلى الله عليه وسلم) على اليد ما أخذت حتى ترد يقتضى وجوب رد العين ولا كلام فيه أنما الكلام في وجوب ضمان القيمة بعد هلاك العين * قال (وان استعار الدابة يوما إلي الليل ولم يسم ما يحمل عليها لم يضمن إذا هلكت) لأنه قبضها باذن صحيح ولكن ان أمسكها بعد مضي اليوم فهو ضامن لها لأنه لما وقت فقد بين انه غير راض بقبضه إياها فيما وراء المدة فإذا أمسكها بعد مضى المدة كان ممسكا لها بغير رضا صاحبها فيضمنها كما في المودع إذا طولب بالرد فلم يرد حتى هلكت. وهذا بخلاف المستأجر فإنه بعد مضى المدة إذا أمسكها لا يضمنها ما لم يطالبه صاحبها بالرد لان مؤنة الرد هناك ليست على المستأجر ولكنها على المالك فإذا لم يحضر المالك ليأخذها لم يوجد من المستأجر منع يصير به ضامنا. وهنا مؤنة الرد على المستعير فإذا أمسكها بعد مضى المدة فقد وجد منه الامتناع من الرد المستحق عليه وذلك موجب ضمان المستعار عليه (وإذا لم يؤقت المالك ولكنه أعارها ليحمل عليها الحنطة فجعل ينقل عليها الحنطة أياما فلا ضمان عليه) لان الاذن من المالك مطلق فلا ينعدم حكمه الا بالنهي والمطالبة بالرد ولم يوجد * وان حمل عليها الآجر أو اللبن أو الحجارة فعطبت فهو ضامن لأنه خالف ما أمره به نصا فصار غاصبا مستعملا بغير إذنه * وهذا المسألة على أربعة أوجه (أحدها) أن يحمل علها غير ما عينه المالك ولكنه مثل ما عينه في الضرر علي الدابة من جنسه بأن استعارها ليحمل عليها عشرة مخاتيم (3) من هذه الحنطة فحمل عليها عشرة مخاتيم من حنطة أخرى أو ليحمل عليها حنطة نفسه فحمل عليها حصة غيره فلا ضمان عليه لان التقييد إنما يعتبر إذا كان مفيدا وهذا التقييد والتعيين لا يفيد شيئا فان حنطته وحنطة غيره في الضرر عليها سواء (والثاني) أن يخالف في الجنس بأن استعارها ليحمل عليها عشرة أقفزة حنطة فحمل عليها عشرة أقفزة شعير. في القياس يكون ضامنا لأنه مخالف فإنه عند اختلاف الجنس لا تعتبر المنفعة والضرر. ألا ترى ان الوكيل بالبيع بألف درهم إذا باع بألف دينار لم ينفذ بيعه وفى الاستحسان لا يكون ضامنا لأنه لا فائدة للمالك في تعيين الحنطة فان مقصوده دفع زيادة

(3) (مخاتيم) جمع مختوم وهذا الصاع كما في القاموس اه‍ مصححه
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست