به فأما الجبن والسمك والبيض واللحم فإنه ليس بادام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو الظاهر من قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وعلى قول محمد رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي وروى هشام عنه أن الجوز اليابس إدام كالجبن وجه قول محمد رحمه الله تعالى أن الادام ما يؤكل مع الخبز غالبا فإنه مشتق من المؤادمة وهو الموافقة قال صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما أي يوفق فما يؤكل مع الخبز غالبا فهو موافق له فيكون أداما وقال صلى الله عليه وسلم سيد أدام أهل الجنة اللحم وأخذ لقمة بيمينه وتمرة بشماله وقال هذه أدام هذه فعرفنا أن ما يوافق الخبز في الأكل فهو أدام إلا أنا خصصنا ما يؤكل غالبا وحده كالبطيخ والتمر والعنب لان الادام تبع فما يؤكل وحده غالبا لا يكون تبعا فأما الجبن والبيض واللحم لا يؤكل وحده غالبا فكان أداما ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال الادام تبع ولكن حقيقة التبعية فيما يختلط بالخبز ولا يحتاج إلى أن يحمل معه كالخل فان النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم الادام الخل فما يصطبغ به فهو بهذه الصفة فأما اللحم والجبن والبيض يحمل مع الخبز فلا يكون إداما وإن كان قد يؤكل معه كالعنب توضيحه أن الادام ما لا يتأتى أكله وحده كالملح فإنه أدام والخل واللبن لا يتأتى فيه الأكل وحده لان ذلك يكون شربا لا أكلا فعرفنا أنه أدام فأما اللحم والجبن والبيض يتأتي (يتأتى) الأكل فيها وحدها فلم تكن أداما الا ان ينوى ذلك فتعمل نيته لما فيه من التشديد عليه ولو حلف لا يأكل طعاما ينوى طعاما بعينه أو حلف لا يأكل لحما ينوى لحما بعينه فأكل غير ذلك لم يحنث الا انه إذا كانت يمينه بالطلاق يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام لأنه ذكر الطعام منكرا في موضع النفي والنكرة في موضع النفي تعم وان قال لا آكل وعني طعاما دون طعام لم يدين في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى هذا والأول سواء لان الأكل يقتضى مأكولا فكأنه صرح بذكر الطعام وهو بناء على أصله ان الثابت بمقتضى اللفظ كالملفوظ فأما عندنا لا عموم للمقتضى ونية التخصيص إنما تصح فيما له عموم دون ما لا عموم له فالأصل عندنا أنه متى ذكر الفعل ونوى التخصيص في المفعول أو الحال أو الصفة كانت نيته لغوا لأنه تخصيص ما لا لفظ له أما نية التخصيص في المفعول كما بينا ونية التخصيص في الحال بأن يقول لا أكلم هذا الرجل وهو قائم بين يديه ونوي (ونوى)
(١٧٧)