وإنما قامت بينة كل واحد منهما على الميت وقد استوت البينتان في ذلك فيقضى بينهما بالولاء ثم استحقاق المال يترتب على ذلك (فان قيل) لا كذلك بل المقصود اثبات استحقاق المال وأحدهما فيها صاحب اليد والآخر خارج فاما ان يجعل هذا كبينة ذي اليد والخارج على الملك المطلق فيقضى للخارج أو يجعل كما لو أدعيا تلقى الملك من واحد وأقاما البينة فتكون بينة ذي اليد أولى (قلنا) لا كذلك بل الولاء حق مقصود يستقيم اثباته بالبينة وإن لم يكن هناك مال وإنما ينظر إلى إقامتهما البينة على الولاء أولا وهما في ذلك سواء ثم استحقاق الميراث ينبنى على ذلك وليس هذا نظير ما لو ادعيا تلقي الملك من واحد بالشراء لان السبب هناك غير مقصود حتى لا يمكن اثباته بدون الحكم وهو الملك ولان السبب هناك يتأكد بالقبض فذو اليد يثبت شراء متأكدا بالقبض فلهذا كانت بينته أولى وهنا الولاء متأكد بنفسه ولا تأثير لليد على المال في تأكيد السبب فلهذا قضى بينهما فان أقام مسلم شاهدين مسلمين انه أعتقه وهو يملكه وانه مات وهو مسلم لا وارث له غيره وأقام ذو اليد الذمي شاهدين مسلمين أنه أعتقه وهو يملكه وانه مات كافرا لا وارث له غيره فللمسلم نصف الميراث ونصف الميراث لأقرب الناس إلى الذمي من المسلمين فإن لم يكن له منهم قرابة جعلته لبيت المال لما بينا أن المقصود اثبات الولاء وقد استوت الحجتان في ذلك فان شهود الذمي مسلمون وهو حجة على المسلم كشهود المسلم فيثبت الولاء بينهما نصفين ثم احدى البينتين توجب كفره عند الموت والأخرى توجب اسلامه عند الموت والذي يثبت اسلامه أولى وإذا ثبت أنه مات مسلما فالمسلم يرثه المسلم دون الكافر ولكن الإرث بحسب السبب وللمسلم نصف ولاية فلا يرث به الا نصف الميراث ونصف الولاء للذمي وهو ليس بأهل أن يرثه فيجعل كالميت ويكون هذا النصف لأقرب عصبة له من المسلمين فإذا لم يوجد ذلك فهو لبيت المال بمنزلة ما لو مات الذمي ولا وارث له فالولاء في هذا مخالف للنسب فان النسب لا يتجزأ بحال فيتكامل السبب في حق كل واحد منهما فإذا لم يكن أحدهما ممن يرثه فللآخر جميع المال لتكامل السبب في حقه فاما الولاء يحتمل التجزء حتى لو أعتق رجلان عبدا كان لكل واحد منهما نصف ولائه فلهذا لا يرث المسلم الا نصف الميراث فإن كان شهود الذمي نصارى لم تجز شهادتهم على المسلم لان اسلام الميت يثبت بشهادة الشهود المسلمين والحجة في الولاء تقوم عليه وشهادة النصارى ليست بحجة عليه ولان المسلم أثبت
(١٠٥)