ادعى رجل ولاء رجل وأقام البينة انه أعتقه وهو يملكه وأقام الآخر البينة ان هذا حر الأصل أسلم على يديه ووالاه والغلام يدعى أنه حر الأصل يقضى به للذي والاه دون الذي أعتقه لان حرية الأصل تثبت له بالبينة وحرية الأصل لا ناقض لها فبعد ثبوتها تندفع بينة العتق ضرورة لان العتق ينبنى على الملك وقد انتفى الملك بثبوت حرية الأصل ولهذا قضى بولائه للذي والاه وكذلك لو كان ميتا عن تركة لان إحدى البينتين تقوم على رقه والأخرى على حريته فالمثبت للحرية أولى ولان صاحب الموالاة أثبت ببينته أنه عاقده عقد الولاء وذلك اقرار منه بأنه حر ولا ولاء عليه فثبوت هذا الاقرار بالبينة كثبوته بالمعاينة أن لو كان حيا أو ادعى ذلك فإن كان حيا فأقر أنه مولى عتاقة لهذا أجزت بينة العتاقة وكان هذا نقضا من الغلام للموالاة لو كان والى هذا الآخر لان العبد مكذب للذين شهدوا بحريته في الأصل ومدعى الموالاة خرج من أن يكون خصما في اثبات ذلك لان العبد باقراره بولاء العتاقة على نفسه يصير نافضا لولاء الموالاة لما بينهما من المنافاة وهو متمكن من نقض ولائه ما لم يعقل عنه فإذا لم يبق خصم يدعى حرية الأصل له صح اقراره بالملك وولاء العتاقة ومن أصحابنا من يقول هذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان من أصله أن البينة على حرية العبد لا تقبل من غير الدعوى وعندهما تقبل فيثبت له حرية الأصل بحجة حكمية وذلك لا يحتمل النقض باقراره فينبغي أن لا يثبت عليه ولاء العتاقة عندهما والأصح ان هذا قولهم جميعا لان بينة العتاقة تعارض بينة حرية الأصل فيما لأجله تقبل البينة عندهما وهو اثبات حقوق الشرع عليه ثم تترجح بخصم يدعيها أو لما انتفي ولاء الموالاة فهذا حر لا ولاء عليه وقد أقر بأنه مولى هذا الذي يدعى ولاء العتق عليه فيكون اقراره صحيحا لأنه يقر بما هو من خالص حقه كما لو أقر بالنسب لإنسان ولا نسب له رجل مات عن بنين وبنات فادعى رجل أن أباه أعتقه وهو يملكه وشهد ابنا الميت على ذلك وادعى آخر أن أباه أعتقه فأقرت بذلك بنت الميت فالاقرار باطل والشهادة جائزة لان الابنين يشهدان على أبيهما بالولاء ولا تهمة في شهادة الولد على والده ثم الاقرار لا يعارض البينة لان الاقرار لا يعد و المقر والشهادة حجة في حق الناس كافة فلا بد من أن يقضى القاضي بأن الميت معتق أب المدعى ومن ضرورة هذا القضاء تكذيب الابنة فيما أقرت به فسقط اعتبار اقرارها وهو بمنزلة ما لو مات عن ألف درهم وابنين وابنة وادعى رجل دينا ألف درهم على الميت وشهد له ابنا الميت وادعى آخر دينا
(١٠٣)