الحكم أقوى من النسب ألا ترى ان عقل جنايتها يكون على قوم معتقها ولو أعتقت بعد هذا عبدا كان مولى لقوم معتقها فكذلك ما سبق وقبل الردة إنما كان المعتبر النسبة لانعدام ولاء العتق عليها فإذا ظهر ولاء العتق كان الحكم له كما ينسب الولد بالولاء إلى قوم أمه ما لم يظهر له ولاء في جانب أبيه فإذا ظهر كان الحكم له وكذلك لو كانت معتقة للأولين لما بينا أن الولاء الثابت عليها للأولين قد بطل حين سبيت وأعتقت فكذلك ما يبتنى عليه من ولاء معتقها رجل ذمي أعتق عبدا فأسلم العبد ثم نقض الذمي العهد ولحق بدار الحرب فليس للعبد أن يوالي أحد الآن الولاء ثابت عليه لمعتقه وان صار حربيا باعتبار أن صيرورته حربيا كموته وان جني جناية لم يعقل عنه بيت المال وكانت عليه في ماله لأنه منسوب بالولاء للانسان وإنما يعقل بيت المال عمن لا عشيرة له من المسلمين ولا ورثة وإذا أسلمت امرأة من أهل الذمة ثم أعتقت عبدا ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبى أبوها من دار الحرب كافرا فأعتقه رجل لم يجر ولاء مولاها لأنها حرة حربية فلا تصير مولى لموالي أبيها لما بينا أن حكم الاسلام لا يجرى على الحربية في دار الحرب وإنما ينجر ولاء معتقها إلى موالي الأب بواسطتها فإذا لم تثبت هذه الواسطة في حقهم لا ينجر إليهم الولاء فإن كان مولاها الذي أعتقته مسلما فجنى جناية فعقله على بيت المال لأنها حين أعتقت العبد كان ولاؤها لبيت المال ألا ترى أنها لو جنت كان عقل جنايتها على بيت المال فيثبت ذلك الحكم في حق مولاها ثم يبقى بعد ردتها كما يبقي بعد موتها لو ماتت لان من هو من أهل دار الحرب فهو في حق المسلمين كالميت امرأة من العجم أسلمت ثم أعتقت عبدا ثم سبى أبوها فاشتراه رجل فأعتقه فان ولاء المرأة وولاء مولاها إلى موالي الأب وينجر بواسطتها ولاء معتقها إلى موالي الأب أيضا وهذا لان ثبوت الولاء عليها للمسلمين لا يمنعها من أن توالى انسانا فلا يمنع جر ولائها إلى قوم الأب بعد ما عتق الأب حربي أو مرتد أسلم في دار الحرب ثم أعتق عبدا مسلما ثم رجع عن الاسلام فأسر فأسلم العبد وأبى المولى ان يسلم فقتل فولاء العبد للمولى لا يتحول عنه لان قتله بعد الردة كموته والولاء الثابت لا يبطل بموته فإن كان له عشيرة كان عقله عليهم وإن لم يكن له عشيرة فميراثه لبيت المال وعقله على نفسه لما بينا أنه منسوب بالولاء إلى انسان بعينه فلا يعقل عنه بيت المال فإذا تعذر ايجاب عقل جنايته على غيره جعل على نفسه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب
(١١٨)