المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٩
ذلك أيضا وكذلك إذا ظفر بطعامه في النفقة لأنه عين ما عليه من الحق والمرأة تتمكن من أخذه إذا قدرت عليه فيعينها القاضي على ذلك ولا يبيع القاضي عروضه في النفقة والدين في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يبيع ذلك كله وهو بناء على مسألة الحجر فان عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى القاضي لا يحجر على المديون بسبب الدين وبيع المال عليه نوع حجر فلا يفعله القاضي وعندهما القاضي يحجر عليه بسبب الدين فيبيع عليه ماله واستدلا في ذلك بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ رضي الله عنه وباع عليه ماله وقسم ثمنه على غرمائه بالحصص وقال عمر رضي الله عنه في خطبته أيها الناس إياكم والدين فان أوله هم وآخره حرب وان أسيفع جهينة قد رضى من دينه وأمانته ان يقال له قد سبق الحاج فأدان مقرضا أصبح وقد ربدته الا انى بائع عليه ماله وقاسم ثمنه بين غرمائه بالحصص فمن كان له عليه دين فليعد والمعنى فيه أن قضاء الدين مستحق عليه بدليل أنه يحبس لأجله فإذا امتنع من ذلك وهو مما تجرى النيابة فيه ناب القاضي منابه كالتفريق بين العنين وامرأته وبالاتفاق يبادل أحد النقدين بالآخر بهذا الطريق فكذلك يبيع العروض ولأبي حنيفة ما روى أن رجلا من جهينة أعتق شقصا من عبد بينه وبين آخر فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى باع غنيمة له وأدى ضمان نصيب شريكه ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان علم بيساره حين ألزمه ضمان العتق ثم اشتغل بحبسه ولم يبع عليه ماله فلو كان ذلك جائزا لاشتغل به لان فيه نظرا من الجانبين والمعنى فيه أن المستحق عليه قضاء الدين ولقضاء الدين طرق سوى بيع المال فليس للقاضي عليه ولاية تعيين هذا الطريق لقضاء الدين ألا ترى أنه لا تزوج المديونة لتقضى الدين من صداقها ولا يؤاجر المديون ليقضى الدين من أجرته لأنه تعين قضاء الدين عليه فكذلك لا يبيع ماله لأنه تعين طريق قضاء الدين عليه ومبادلة أحد النقدين بالآخر لا يفعله في القياس أيضا ولكن في الاستحسان الدراهم والدنانير جعلا كجنس واحد فان المقصود منهما واحد فكان ذلك بمنزلة قضاء الدين من جنس الحق وذلك متعين عليه لصاحب الحق لان له أن يأخذ جنس حقه فكذلك للقاضي أن يعينه عليه وأما حديث معاذ رضى الله تعالى عنه فإنما باع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله برضاه وسؤاله لأنه لم يكن في ماله وفاء بديونه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشر بيع ماله لينال بركة رسول الله
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست